أسعار السلع عالميًا تتجه للاستقرار إلا في سوريا آخذة بالارتفاع... والحكومة تفشل بالتبرير

كانت الحرب الأوكرانية والتضخم العالمي شماعة كبيرة للغلاء في سوريا، وحرصت الحكومة على الظهور بمظهر المنقذ حينها، عن طريق الكثير من القرارات والإجراءات بالجملة، من بينها دراسة تخفيض الأسعار الاسترشادية للمواد الأساسية.

لكن وبعد استقرار الأوضاع عالميًا، من ناحية كبح التضخم بالفائدة المرتفعة، وتحلحل أزمات الحبوب والسلع بالاتفاقيات الدولية، كانت المفاجأة أن يحصل العكس في سوريا.

نظرة سريعة إلى وضع الأسواق السورية:

يأتي قرار وزارة المالية الصادر منذ أيام قليلة برفع الحدّ الأدنى للأسعار الاسترشادية للسكر والزيوت النباتية المستوردة، التي تعدّ من المواد الغذائية الأساسية، كصدمة غير متوقعة بالنسبة للكثيرين.

إذ أصبح الحدّ الأدنى للسكر الخام 500 دولار للطن الواحد، و600 دولار للسكر المكرّر، ورفع القرار السعر الاسترشادي لزيت عباد الشمس إلى 1500 دولار، ولزيت النخيل إلى 1300 دولار.

وجاء قرار آخر لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع سعر السكر –النادر وجوده في الأسواق- إلى 4400 ليرة سورية للكيلوغرام المعبأ، مع توقعات برفع سعر الزيت لاحقاً.

وما بين دراسة التخفيض وقرار الرفع، لم يكن لأسعار مختلف المواد الغذائية سوى أن ازدادت بنسب كبيرة ومتسارعة، فضلاً عن نقص في المخازين وندرة بعض المواد في الأسواق.

هذا وقد شهدت الأسواق السورية خلال اليومين الماضيين ارتفاعا بمواد السمانة والمنظفات وصل لأكثر من 5 %.

إضافة لارتفاع أسعار الفواكه التي أصبحت خارج حسابات وقائمة طعام أغلب الأسر السورية وخاصة ذوي الدخل المحدود، فكيلو الدراق بـ 5000 ليرة والأجاص بـ 3000 ليرة والعنب المستورد (لبناني) بـ 8 الاف ليرة والمحلي بـ 1500 ليرة.

كما أن الخضار ليست بمنأى عن ارتفاع الأسعار حيث وصل سعر كيلو البندورة الحورانية لـ 2000 ليرة والجردية المحلية 3500-4000 ليرة، والبطاطا 1500 ليرة، والبامية بـ 4000 ليرة. وكيلو الخيار الأرضي بـ 2000 ليرة بينما تسعيرة التموين 1100 ليرة وجرزة البقدونس والنعنع الواحدة بـ 500 ليرة.

وكذلك وصل سعر كيلو السكر إلى 5500 ليرة وكيلو الرز الصيني إلى 4000 ليرة والفريكة إلى 11 ألف ليرة.

بوصلة الاقتصاد العالمي تخالف اتجاه السفن السورية:

إن حجة التأثر بالأزمات العالمية ومشكلات الشحن لم تعد تنفع بعد استقرار الأسعار العالمية، وفق ما أوضحه أستاذ الاقتصاد الدكتور "شفيق عربش"، حيث استقرت الأسعار بالبورصات العالمية حتى بالنسبة لخامات النفط، والمادة الوحيدة التي لا تزال تشهد ارتفاعاً بالأسعار في أوروبا هي الغاز.

وأوضح "عربش" أنه بعد خروج أول سفينة محمّلة بالحبوب من ميناء أوديسا إثر الاتفاق الروسي الأوكراني، بدأت أسعار المواد الغذائية في العالم بالعودة إلى ما كانت عليه. إلا محلياً، فهي آخذة بالارتفاع دون مبرّر اقتصادي.

أزمة إجراءات حولت سوريا إلى أغلى دولة بالمعيشة:

اعتبر "عربش" أن الإجراءات والقرارات التي تُتخذ محلياً لا مثيل لها في العالم مما جعل من سورية واحدة من أغلى دول العالم بالمعيشة، مؤكدًا أن ما يجري هو “أزمة إجراءات” تصدر بهدف معيّن لتعطي نتائج معاكسة على مختلف القطاعات. وكمثال على ذلك قرارات تجفيف السيولة مقابل تثبيت سعر الصرف، نجحت نظرياً بتثبيت السعر الرسمي، إلا أن أسعار السلع بمختلفها ترتفع تقريباً 25% تحسباً لأية ارتفاعات بسعر السوق السوداء!

ورأى أنه من المفترض عودة أسعار بعض السلع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة الأوكرانية، وأن تنخفض الأسعار الاسترشادية لا أن ترتفع، فهي توضع لتقاضي الرسوم الجمركية، وعملية رفعها تزيد الرسوم ما ينعكسُ زيادة بأسعار المواد، والواضح أنه لا يوجد معايير لتحديدها بدقة محلياً كاعتماد سعر المادة بالبورصات العالمية أو في مكان استيرادها.

الحكومة تغرد خارج السر:

أمام ما شهدته الأيام القليلة الأخيرة من زيادة في الأسعار، أصدرت وزارة التجارة الداخلية قراراً حدّدت فيه هامش الربح لـ 50 مادة، ليصبح 4 – 10% للمستورد وبائع الجملة، و5 – 13% لبائع المفرق. فيما رأى "عربش" أنه مقابل عجز الحكومة عن ضبط الأسعار أو رفع الرواتب فلا بد على الأقل من أن تخفض الأسعار الاسترشادية والرسوم الجمركية على المواد الأساسية.

أما مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بطرطوس "بشار شدود"، فقد أكد أنه لا يوجد أي ارتفاع للأسعار حاليا وهذا الارتفاع لجميع المواد الذي تشهده الأسواق غير مبرر ومخالف لنشرات التموين الصادرة يوميا.

وأضاف: "تعمل الدوريات في كامل أرجاء المحافظة على ضبط كل من يبيع بسعر زائد"، مؤكدا أن المديرية تقوم بدورها بشكل كامل ولكنها لا تستطيع وضع دورية في كل محل وهنا يأتي دور المواطن في التعاون مع التموين وتعزيز ثقافة الشكوى.