الغاز الليبي يثير شهية أوروبا العطشى للطاقة... اعتبروه حلا أشبه بالمعجزة
اعتبرت صحيفة "لوريون لوجور" الناطقة بالفرنسية في تقرير نشرته حديثًا، أنّ الغاز الليبي قد يمثّل "حلًا أشبه بالمعجزة" للأوروبيين الذين يواجهون نقصا جسيمًا في الإمدادات بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأوضح التقرير أنّ العواصم الغربية تراقب عن كثب الوضع الميداني في ليبيا، وتفهم معنى إعادة التموقع الاستراتيجي لما وصفتهم بـ "المرتزقة الروس" في ليبيا وترسيخ مكانتها هناك، منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
وأكدت الصحيفة أن الغرب يسعى إلى استثمار هذه التطورات الميدانية لصالحه في مواجهة خطر أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق، بمعنى الضغط من أجل إخراج المرتزقة مقابل التزود بالطاقة.
موارد يمكن أن تغير قواعد اللعبة:
بحسب التقرير يمكن أن تغيّر حقول النفط والغاز والمصافي والموانئ في طرابلس (غربًا) وبرقة (شرقًا) وفزان (جنوبًا) في ليبيا قواعد اللعبة، فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي سعت بروكسل وحلفاؤها بأي ثمن إلى تنويع مصادر التزود بالطاقة والحد من اعتمادهم على النفط والغاز والفحم الروسي.
وبينما اتفق قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 في نهاية شهر مايو / أيار الماضي على خفض واردات النفط الروسية بأكثر من 90 % بحلول نهاية عام 2022 يمكن أن تكون ليبيا بمثابة "حل معجزة" وفق اعتبار الصحيفة.
ولفتت صحيفة "لوريون لوجور" إلى أن الصناعة الليبية تشتهر بجودتها وإنتاجها منخفض التكلفة وغير المستغل إلى حد كبير كما تستفيد من قربها من الأسواق الأوروبية.
وتقدّر احتياطيات النفط والغاز الليبية بـ 48 مليار برميل و53 تريليون قدم مكعب على التوالي، ما يجعلها أكبر خزان في أفريقيا وثالث أكبر منتج في القارة بعد النيجر والجزائر، وبذلك تعتبر البلاد "عملاق الطاقة" مع إمكانات غير مستكشفة.
لماذا لم تكن ليبيا محط نظر الإعلام حتى الآن؟
نبّه التقرير إلى أنّه رغم توفر هذه المواصفات التي تجعل من ليبيا على الورق مرشحا مثاليا للغرب لتعويض نقص الطاقة، فإنّ المعضلة الأمنية وعدم الاستقرار السياسي يمثلان عائقا لتطور صناعة النفط والغاز ويجعلان من هذا البلد شريكا غير موثوق به.
وتوضح الصحيفة أنه بالإضافة إلى البيئة الأمنية المتقلبة كانت صناعة النفط في ليبيا لعدة سنوات رهينة للاضطرابات السياسية.
ونقل التقرير عن "إيهاب عبد المنعم"، وهو مدير شركة ليبية تعمل في قطاع النفط والغاز في طرابلس، قوله: "كانت العملية سياسية بشكل بارز، ولكن رسميا كانت مطالب المجتمعات المحلية المشاركة في إغلاق المواقع واضحة: تغيير قيادة المؤسسة الوطنية للنفط إلى جانب إعادة توزيع أكثر عدلاً لعوائد النفط".
ولا ننسى في هذا الصدد حالات إغلاق مواقع الإنتاج التي شهدتها ليبيا على امتداد أسابيع، بين مايو / أيار ويونيو / حزيران الماضيين، ما أدّى إلى انخفاض الإنتاج الوطني من 1.3 مليون برميل يومياً إلى 400 ألف برميل.
واعتبرت الصحيفة ختامًا أن أزمة إنتاج النفط والغاز في ليبيا ليست سوى انعكاس لأحدث أعراض أزمة سياسية بدأت في نهاية عام 2021 مع إلغاء الانتخابات (التشريعية والرئاسية) التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر / كانون الأول الماضي. وبعد بضعة أشهر أدى تشكيل حكومتين متنافستين إلى إثارة شبح التقسيم، ما يعسّر من عملية التفاوض مع الطرف الأوروبي حول التزود بالطاقة.