شمس العرب الحارقة قد تصبح كنزًا أهم من النفط في المستقبل... الصين تعمل لاحتكارها

بعد الصدمة التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية في مشهد الطاقة العالمي، باتت قضية تأمين الطاقة من أولويات الأمن القومي لأي دولة في العالم. وفهم الجميع أن التطور التكنولوجي والعسكري بدون طاقة لا يساوي شيئًا على أرض الواقع. وبهذا الشكل عادت مسألة الطاقة المجددة إلى الطاولة مجددًا، ليس من وجهة نظر بيئية بل من وجهة نظر استراتيجية واقتصادية.

ورغم أن الطاقة المتجددة ما تزال على الهامش حتى الآن، إلاّ أن هذا الواقع سيتغير تماماً في غضون 15 عاماً كما يتوقع الخبراء. فأي دولة لا تأخذ الطاقة المستديمة التي تعتمد على الشمس والهواء على محمل الجدّ ستكون خارج النظام العالمي الجديد للطاقة.

الطاقة التي تصل إلى الأرض في ساعة تكفي البشرية لعام كامل:

يشرح الدكتور "محمد طه"، وهو استشاري في علم الطاقة المتجددة، أن كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى سطح الأرض ضخمة لدرجة تفوق التصور. إذ أنها تعادل سنويا نحو ضعف ما يتم الحصول عليه من جميع مصادر الطاقة الموجودة على الأرض، كالفحم والبترول والغاز الطبيعي واليورانيوم.

ويضيف "طه" في حديثه لوكالة إعلام عربية شهيرة أن الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض في ساعة واحدة، تكفي أهل الأرض مدة سنة كاملة لو أحسنوا استغلالها. ومن هنا يمكن القول إن الدول العربية لديها المصدر الأساسي لهذه الطاقة نظراً لطبيعة مناخها والطقس المشمس الذي تتمتع به.

كما أن الدول العربية تتمتع بمصادر وفيرة من طاقة الرياح التي تعد واحدة من أهم مصادر الطاقة الخضراء في العالم، إذ تمتلك مواقع جغرافية واسعة تسمح بإنشاء محطات عملاقة لتوليد الطاقة بالرياح.

الصين قد تفتقر إلى الموارد الوفيرة لكنها تخوض اللعبة بقواعدها الخاصة:

بالرغم من اعتبار الدول العربية مصدراً أساسياً للطاقة الشمسية، إلا أن الصين تسيطر بشكل كامل تقريبًا على ما يسمى "نفوذ الشمس" في العالم، حيث ستُهيمن بحلول العام 2025 على 95 في المئة من سلاسل توريد الألواح الشمسية.

هذه الهيمنة المخيفة تعني أن المعدات التي تسمح بتحويل حرارة الشمس إلى طاقة، هي بيد الصين وهذا ما يخشاه الغرب، ويعتبره نقطة ضعف كبيرة في سباق التحوّل إلى الطاقة النظيفة.

من جهته، يقول الأستاذ الجامعي "رامي الجمل"، في حديث للوكالة الإعلامية ذاتها، إن حصة الطاقة المتجددة من إجمالي إمدادات الطاقة في العالم، ستقفز من 14 في المئة في عام 2015 إلى 63 في المئة في عام 2050.

ويؤكد أن دول مجموعة العشرين ستمثل نسبة 85 في المائة من نشر مصادر الطاقة المتجددة مع حلول 2050، بما في ذلك الصين 26 في المئة والولايات المتحدة 15 في المئة والهند 12 في المئة والاتحاد الأوروبي 9 في المئة.

ما هو خلف هتافات أنصار البيئة:

شدد "الجمل" على أن عملية التحول إلى الطاقة النظيفة ظاهرها "بيئي" وباطنها السيطرة على مستقبل الطاقة.

ويشير في هذا الصدد إلى أنه لا يمكن لطاقة الشمس والهواء، أن تكون حكراً على أحد، ولكن يوجد أمر واقع من الصعب تخطيه وهو أن الصين تمتلك المعادن التي تسمح لها بإنتاج الألواح الشمسية وحتى توربينات إنتاج الطاقة من الهواء دون الاعتماد على أي طرف آخر، وهو ما يجعلها الرابح الأكبر في سباق التحوّل إلى الطاقة البديلة.

ويرى "الجمل" أن الهيمنة الصينية لا يجب أن تكون بمثابة "دعوة للكسل" موجهة للآخرين. إذ أن الإنفاق والاستثمار على البحث والتطوير من أجل تحسين قطاع التكنولوجيا الخضراء وكفاءة الألواح الشمسية والتوربينات الهوائية، يتيح للدول الاستفادة من هذا التحول وعدم الانضمام لطابور الفاشلين.