عملية نصب شاملة تعرض لها السوريون ممن يستخدمون الطاقة الشمسية... خبير يشرح بالتفصيل

قبل بضعة أشهر أو أسابيع، حاولت الحكومة والسلطات السورية جاهدةً أن تروّج للطاقة الشمسية على أنها المنقذ الأخير والحل المتبقي لدى السوريين للحصول على الكهرباء المستدامة.

وعلى إثر هذه الموجة تورط العديد من الناس بتركيب أنظمة طاقة شمسية مكلفة مجازفين بمدخراتهم أو قاصدين الاقتراض، بعدما استورد التجار المقربون من الحكومة العديد من ألواح الطاقة التجارية والرخيصة.

وبعد اكتشاف الحكومة أن السوق السورية باتت مكبًا لألواح الطاقة الشمسية التجارية والرديئة، عمدت إلى فرض قيود ومواصفات محددة في الآونة الأخيرة. لكن حتى مع ذلك، فإن الخبراء يحذرون ولا يترددون بالتعميم أن كافة أنواع الألواح الشمسية في البلد سيئة، ولا تعمل بعمرها الفعلي كما قد يعتقد البعض.

عملية احتيال جماعية سيكتشفها الجميع قريبًا:

في حديثه لصحيفة "الوطن" المحلية، يقول خبير وعامل في مجال تركيب الألواح الشمسية، إن السوريين الفرحين اليوم بالإنارة وبعض ما تقدمه الطاقة الشمسية، سيصحون قريباً، وتتحول هذه الفرحة إلى قلق وخيبة!

ويضيف الخبير: "هم مطمئنون الآن لأنهم لا يعلمون أن ألواح الطاقة والمدخرات التي تصل إلى سورية، من أسوأ الأنواع في البلدان المصدرة، وبأحسن الأحوال، هي أنواع جيدة مر على تصنيعها وقت طويل. لذا فإنها لن تعطي النتيجة المرجوة بالمدة المرجوة، بل أقل بكثير".

وبناءً عليه، سيضطر الناس لشراء مدخرات وألواح جديدة خلال فترة لا تقارب نصف الفترة التي توقعوها. فمن قيل له ثلاث سنوات، سيضطر للتبديل خلال فترة لا تتجاوز سنة ونصف أو سنتين بأفضل الأحوال.

ويلفت الخبير إلى نقطة هامة، وهي أن ما دُفع ثمنه اليوم 15 أو 20 مليون ليرة، سيصبح 30 وربما 40 مليوناً. فلا ضوابط لهذا السوق، ولا يحدد أسعار مواده سوى توافرها وكمية الطلب، واليوم كمية الطلب مخيفة لدرجة أنك تظن أنه لم يبق سوري لم يركب منظومة طاقة شمسية.

أسباب الاستهلاك السريع لعمر المدخرات:

يشرح الخبير أن الاستهلاك السريع لعمر المدخرات لا يعود فقط لرداءة أنواعها، بل لتحميلها فوق طاقتها أيضاً. وخاصة في المنازل التي قامت بتركيب مدخرات و"إنفرتر" فقط من دون ألواح طاقة شمسية، لأن شحن المدخرات بهذه الحالة سيعتمد على كهرباء الدولة، أي 4 ساعات في النهار كحد وسطي في بعض المناطق، وحد أقصى في مناطق أخرى، واستخدام يصل إلى 20 ساعة.

لهذه الأسباب - يتابع بالشرح - من الطبيعي أن يقلل استخدام كهذا من عمر مدخرة جيدة، فما بالك إن كانت رديئة أساساً.

فوضى كبيرة تكتسح مجال الطاقة الشمسية في سوريا:

يؤكد المهندس "سمير محمود"، وهو خبير طاقة ومختص في محطات التحويل الكهربائية، أن ما يجري في مجال الطاقة الشمسية هو فوضى كبيرة سترتد على الجميع.

ويرى أنه "لا يجوز أبداً" السماح بأن يقوم كل مواطن بتركيب طاقة شمسية في منزله لعدة أسباب: أولها الكلف المادية الباهظة، وثانيها المواد الرديئة الموجودة في السوق السورية، والاستهلاك الدائم لمواد التوليد، ولاسيما المدخرات.

ويعتبر أنه في هذه الحالة لن يستفيد من الأمر برمته سوى التجار والشركات الموردة والمستوردة. وسيبقى المواطن رهن أهوائها واستغلالها، إضافة لما ستقدمه من خدمه سيئة وغير مضمونه ولا تشكل بديلاً دائماً.

وإن كان لا بد منها، فيرى المهندس "محمود" أن ما يناسب وضع سورية هو الاعتماد على الطاقة الشمسية للاستهلاك الآني، ومنع العمل على تخزينها، لما له من كلف عالية مادياً وبيئياً ووطنياً. ففي المجال المادي كلفة مدخرات التخزين عالية جداً، وفي المجال البيئي كلفة إعادة تدويرها أو إتلافها عالية وخطرة، وعلى المستوى الوطني، ستبقى الشركات المنتجة تتحكم بتوريدها وأسعارها وقد تتحكم بتوريدها أو عدمه.

ويعتبر الخبير أن على الدولة التشجيع أو الاشتراط على المستثمرين بتصنيع عناصر توليد الطاقات البديلة محلياً، إضافة إلى ضرورة حصر مزارع الطاقة الشمسية في المناطق غير الصالحة للزراعة.

ويؤكد أنه يجب إلزام المعامل في المناطق الصناعية بتوليد الكهرباء من الطاقات البديلة بنسب معينة وعالية، والتركيز على تركيب محطات توليد شمسية صغيرة لأغراض ضخ المياه للري، وإنشاء محطات توليد شمسية على أسطح الأبنية التي تضم مكاتب وعيادات وورشاً في المدن.

ثم يوضح رأيه معتبرًا أن الطاقة البديلة هي طاقة رديفة لمحطات التوليد التقليدية، ولا يمكن أن تكون بديلاً لها. وكل وفر تحققه الطاقات البديلة في الطاقة، هو وفر في الوقود الأحفوري ووفر في عمل محطات التوليد، وهو وفر يجب أن يستفيد منه المواطن المشترك باشتراك منزلي على الشبكة.

مصدر طاقة أفضل من الألواح الشمسية:

أوضح "محمود" أن الاستثمار الأفضل والواعد والأنظف هو طاقة الرياح... فمثلاً 100 مروحة هوائية تكفي محافظة متوسطة الحجم من الكهرباء، وكلفتها تبدو في الظاهر كبيرة، لكنها على المدى البعيد ذات ربحية كبيرة جداً وهي تسترد كامل قيمتها خلال ثلاث سنوات. ويستمر التوليد مجاناً لأكثر من 20 سنة تقريباً، كما أن وصلها مع الشبكة سهل، وإنتاجها دائم ليلاً ونهاراً.