موسم حصاد القمح في سوريا يشارف على نهايته... الواقع يخالف المتوقع

مع اقتراب موسم حصاد القمح في سوريا من نهايته، تشير كافة البيانات الواردة إلى أن إنتاج البلد من القمح هذا العام أيضًا لم يكن كما المتوقع. لكن الفارق هذه المرة أن العالم يقبع ضمن أزمة غذائية خطيرة، مما ينذر بأن إمكانية تعويض انخفاض الإنتاج عن طريق الواردات الروسية قد يكون أمرًا متعذرًا.

ويرى خبيرٌ في مجال القمح والحبوب، كانت قد التقت معه صحفية "العربي الجديد"، أن الإنتاج العام في جميع المناطق السورية لا يصل إلى 1.6 مليون طن، في حين أن الاستهلاك ضعف هذه الكمية بالحد الأدنى.

ثم يشير إلى أن موسم الحصاد شارف على نهايته وباتت الكميات المستلمة واضحة وبعيدة عن التخمين والتوقع، وهي تدلل، برأيه، على أزمة ستعاني منها الحكومة، التي وصفها بأنه "عاجزة" مالياً عن تأمين حاجة البلاد.

وتوقع أن وزارة التجارة الداخلية تستعد لاتخاذ قرارات جديدة تتعلق بالخبز، بعد تراجع الإنتاج وتعثّر الاستيراد. مضيفًا أن الحلول المتوفرة على طاولة المسؤولين تتركز على تخفيض وزن الربطة من 1100 إلى 1000 غرام، وإعادة النظر في حصة الأسرة اليومية، غير مستبعد رفع سعرها، بعد تخفيض وزنها من 200 إلى 300 ليرة.

ماذا تقول الجهات الرسمية؟

يقول وزير الزراعة السوري "محمد حسان قطنا"، إنّ إنتاج سوريا من القمح هذا العام بلغ 1.7 مليون طن، مشيراً إلى أن ذلك الكم من الإنتاج جاء أقل من المتوقع بسبب الظروف المناخية الاستثنائية.

وأضاف "قطنا"، خلال مقابلة مع وكالة أنباء روسية، أنّ البلاد تحتاج إلى 3.2 مليون طن، قائلاً إنّ "الظروف المناخية الاستثنائية أدت إلى ضياع الجهود، حيث كان من المخطط هذا العام أن يكون إنتاج سوريا كوحدة إنتاجية كاملة 3.2 مليون طن، لكن بلغ الإنتاج المقدر هذا العام كوحدة إنتاجية متكاملة بما فيها شمال الفرات والمناطق الأخرى مليون و700 ألف طن".

ولفت إلى أنّ "ما قبل الحرب كانت الاحتياجات للقمح 3.9 مليون طن لكن بالوضع الحالي نحتاج إلى 3.2 مليون طن بما فيها شمال البلاد".

ولفت إلى قضية "انخفاض الإنتاجية وتضرر محصول القمح نتيجة التغيرات المناخية التي تشمل انخفاض الهطولات المطرية أو شداتها التي تؤدي إلى انجرافات وأضرار وعدم التوزع الصحيح لكميات الأمطار والجفاف لفترات طويلة، والتي ينتج عنها موت النبات وانخفاض الكميات المخزنة في السدود وخسارة المساحات القابلة للزراعة في موسم الصيف".

يشار إلى أنه بعدما أفقد الجفاف آمال المزارعين بحصد محاصيل قمح وفيرة هذا العام، باع العديد منهم إنتاج حقولهم في شمال شرق سوريا إلى رعاة الأغنام مقابل أسعار رمزية، متكبّدين خسارة مالية كبيرة.

هل يمكن تعويض الفجوة بالاستيراد؟

تحذّر المهندسة الزراعية "بتول أحمد"، من "عام مجاعة قاسٍ"، بسبب تراجع الإنتاج وغلاء الأسعار العالمية نتيجة حرب أوكرانيا، متوقعة العجز بأكثر من 1.5 مليون طن، فيما استيراده أمر صعب، بسبب قلة العرض العالمي وارتفاع الأسعار، وعدم توفّر القطع الأجنبي لدى الحكومة السورية.

ولم تستثن "أحمد" المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة شمال غربي سورية من نقص القمح وأزمة الرغيف، خاصة إن "خضع العالم للقرار والفيتو الروسيين" وتوقفت قوافل المساعدات عبر معبر باب الهوى.

وتضيف في حديثها لصحيفة "العربي الجديد" أن الأسعار التي طرحتها الحكومة والمعارضة "غير مغرية للفلاحين"، بل ولا توازي السعر العالمي الذي يستورد به الجميع، ما يزيد من توقعات تهريب بعض المحاصيل إلى بلدان الجوار كالعراق وتركيا ويفاقم أزمة القمح.

تجدر الإشارة إلى أن إنتاج سورية من القمح كان قبل عام 2011 يتراوح بين 3.5 و4 ملايين طن، في حين كان الاستهلاك لا يتجاوز 2.5 مليون طن.

لكن منذ نحو 10 سنوات، تدهور الإنتاج إلى نحو 1.2 مليون طن، يتوزع على مناطق المعارضة شمال غربي البلاد ومناطق الإدارة الذاتية شمال شرقها ومناطق سيطرة الحكومة.

وكان "برنامج الغذاء العالمي" WFP التابع للأمم المتحدة قد حذر، في الآونة الأخيرة، من أن انعدام الأمن الغذائي في سورية بلغ أعلى مستوى منذ عام 2011، وأن هناك نحو 12.4 مليون شخص لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم الغذائية.

ويأتي تراجع إنتاج القمح في سوريا  نتيجة عدة عوامل منها الجفاف الأخير الذي سبقه بعقود سوء إدارة الموارد المائية واستنزاف الاحتياطي الاستراتيجي للمياه الجوفية بسبب زراعة محاصيل لم تكن ملائمة لشمال شرقي سوريا والتي تحتاج إلى جهد كبير ومياه أكثر من قدرة المنطقة، مثل القطن على سبيل المثال.

بالإضافة إلى مشاكل أخرى في قطاع الزراعة مثل انخفاض منسوب المياه من نهر الفرات، لأن تركيا تمتلك أهم 3 سدود على النهر ومن ثم فالمنسوب الذي يصل إلى سوريا أقل بكثير مما كان عليه.