رسوم رخص البناء في سوريا تخاصم المنطق... أرقام ضخمة لا تشجع أحدًا

على الرغم من الترويج الإعلامي لمصطلحات "إعادة الإعمار" وما حذا حذوها في سوريا، إلا أن الأفعال على أرض الواقع تخبر الأهالي بأمر مختلف. إذ لا يوجد في البلد ما يشجع على بناء غرفة واحدة فضلًا عن مشروع كامل، وذلك بسبب الارتفاع "الجنوني" لرسوم رخص وتكاليف البناء، كما يؤكد البعض.

في الواقع إن هذا الارتفاع الكبير لرسوم رخص البناء يعتبر إيراداً ممتازاً للوحدات الإدارية، ولكنه لا يرحم المواطن من ارتفاع سعر العقار. مما دفع الخبراء إلى وصف الأمر بأنه "قصر نظر وسذاجة من أصحاب القرار في سوريا".

في هذا الصدد، يؤكد "بسام شاهين"، رئيس دائرة الرخص والبناء في مجلس مدينة طرطوس، أن عدد الرخص حتى تاريخ 15/06 بلغ 30 رخصة بناء في مدينة طرطوس، تجاوزت رسومها ملياراً ونصف المليار ليرة، بينما في السابق لم تكن لتتجاوز 50 مليوناً.

ويرجع هذا الارتفاع الهائل إلى التعليمات التنفيذية للقانون 37، حيث تحدد رسوم رخصة البناء وفقاً للقيمة الرائجة لسعر متر الأرض الذي تحدده مديرية مالية طرطوس إضافة لمساحة البناء والشرفات ومتغيرات أخرى، وهذه الرخص منوعة شملت إما بناء جديداً أو استكمالاً لبناء (طابق إضافي).

وأكد "شاهين" أن هناك تراجعاً في عدد الرخص هذا العام على مستوى المحافظة، موضحًا أن القسم الأكبر من الرسوم تذهب للوحدة الإدارية وجزء منها للمحافظة والخزينة العامة للدولة. ليعتبر أن ذلك "أمر جيد لمصلحة الوحدات في تحسين خدماتها".

في نفس السياق، يصف نقيب المهندسين بطرطوس "حكمت إسماعيل"، رفع الرسوم بالجائر وغير المنطقي، باعتبار أن الزيادة بأي رسوم يجب أن تكون بحدود مقبولة لا أن تزيد 100 ضعف، فالرخصة التي كانت تكلف المتعهد 4 ملايين أصبحت 400 مليون، وهذا "غير واقعي" وسيرفع أسعار الشقق على الشباب لاسيما بعد الزيادة الأخيرة بسعر الإسمنت.

وأشار إلى أن الارتفاع شمل رسوم إشغال الأرصفة على المباني حيث بلغت ٤٠ بالمئة من كلفة رسوم الرخصة، متسائلاً كيف سيدفع المتعهد هذا المبلغ الكبير مقابل إشغال رصيف على تماس مع عقاره وليس شرائه؟ علماً أنه لن يحتاجه بعد بناء الطابق الأرضي.

وتمنى نقيب مهندسي طرطوس أن تستفيد الوحدات الإدارية بالنهاية من هذه الرسوم في تحسين خدماتها ولاسيما في مدينة طرطوس سواء لتزفيت الطرق السيئة أو لإزالة القمامة المتراكمة في الأحياء. لكن الواقع أن هذه الأموال تُطمر في الخزائن ولا يرى الأهالي منها شيئًا، وفقًا لتأكيدات الناس وشكاويهم على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.