الغرب يحشد لاستهداف الذهب الروسي... 4 نقاط هامة لفهم ملابسات وتداعيات القضية
يكاد الذهب الروسي أن يقع ضحية جديدة في حفرة العقوبات الغربية، بعد ما حدث خلال القمة الحالية لزعماء الاتحاد الأوروبي، عقب إعلان الرئيس الأميركي "جو بايدن" أن دول مجموعة السبع تعمل على حظر استيراد الذهب الروسي.
ملاحظة: دول مجموعة السبع هي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان.
وكما يحدث في كل مرة يتباحث بها الحلفاء الغرب بخصوص العقوبات المحتملة ضد روسيا، فكانت الخلافات هذه المرة حاضرةً أيضًا، إذ اقترحت الدول الإسكندنافية ودولا أوروبية شرقية أن يتم استعجال الجزمة السابعة من العقوبات والإعلان عنها عقب القمة. بينما دعت دول أخرى -من بينها ألمانيا وبلجيكا- إلى التركيز على تنفيذ العقوبات المطبقة بالفعل.
على أي حال، فإن ثقل روسيا في أسواق الذهب العالمية ليس بالأمر الذي يمكن الاستهانة به، ولأهمية هذه القضية فلا بد من تناولها على 4 نقاط:
أولًا: ما هي طبيعة العقوبات التي قد يتم فرضها على روسيا؟
ما تزال المعلومات الرسمية غامضة حتى الآن، إذ ليس معروفا بعد هل ما سيتم تطبيقه هو حظر للواردات أم للصادرات، أو أي معاملات أخرى مع المعدن الأصفر.
ويبدو أن أهل الرأي والاختصاص في حيرةٍ من أمرهم حول جدوى هذا الإجراء، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار أن لدى روسيا أسواق مبيعات فائضة في الصين والهند والإمارات العربية المتحدة وغيرها، ولا تعتمد عمليا على الواردات.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن الإجراءات الجديدة مهما تكن، لا يمكن أن تنطبق على الذهب المشترى بالفعل.
ثانيًا: ما هي وجهة نظر الغرب وهدفهم من هذه العقوبات؟
يصرح كبار المسؤولون في الغرب، بأن الدافع لهذه العملية هو أهمية الذهب بالنسبة إلى "الأوليغارشية" الروسية التي تبحث عن طرق لتجنب تداعيات العقوبات. فضلا عن أن صادرات الذهب تجلب لروسيا عشرات المليارات من الدولارات وتشكل حصة كبيرة، مما يعني أن في حظره محاولة لمنع روسيا من أحد أهم مصادر التمويل لديها.
في الاتجاه المقابل، يرى اقتصاديون روس أن الحظر المحتمل على تصدير الذهب الروسي قد تكون له عواقب معينة، لكنها ليست كبيرة، ولن تؤثر في كل الأحوال على العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا من حيث التمويل.
وفي حديث لوكالة "الجزيرة"، يوضح الخبير الاقتصادي المخضرم "فلاديمير أوليتشينكو"، أن ذلك يعود لأسباب تتعلق بوجود أسواق بديلة لتصدير الذهب مما يحجّم من تداعيات القرار.
سبب آخر يدعو للتهوين من تأثير العقوبات، هو امتلاك روسيا كميات هائلة من النفط والغاز وغيرها من مصادر ضخ الميزانية التي يمكنها تعويض أي نقص قد يتسبب به قرار مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، بفرض حظر الذهب.
أما الخبير الاقتصادي "ألكسندر رازوفاييف"، فيؤكد أنه حتى لو فرض الاتحاد الأوروبي قيودا على بيع الذهب الروسي، فلن يكون لذلك تأثير يذكر على صناعة تعدين الذهب الروسية، لأن هذا الحظر موجود بشكل غير معلن منذ مارس/آذار الماضي. ويضيف أن الذهب سيصبح أكثر تكلفة في السوق العالمية، لكن ليس كثيرا.
أما فيما يخص شركات تعدين الذهب المحلية، فإنها على الأرجح لن تتعرض للأذى، لأنه سيتم شراء الإنتاج بالكامل من قبل البنك المركزي، بحسب رأيه.
ثالثًا: ما هي الدول التي تستقبل الذهب الروسي وتحتاجه؟
صدرت روسيا 302.2 طنا من الذهب بقيمة 17.4 مليار دولار عام 2021، وهذا أقل بنسبة 6% مما كان عليه في عام 2020.
وفي عام 2021 أيضًا، بلغت حصة صادرات الذهب من روسيا 9.2% من السوق العالمية، وتضاعفت هذه القيمة 3 مرات بعد بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا. إذ تقول لندن إن رجال الأعمال الروس قرروا شراء المعدن النفيس لتجنب العقوبات.
على العموم، كانت المملكة المتحدة المتلقي الرئيسي للذهب الروسي عام 2021، بـ266.1 طنا بقيمة 15.4 مليار دولار.
لكن من الصعب الاستنتاج من الإحصائيات ما إذا كان الذهب لا يزال هناك في المملكة المتحدة أم يذهب إلى دول أخرى، لأن لندن تعد مركزا عالميا مهما لتداول وتخزين المعادن الثمينة.
وبحسب بيانات هيئة الجمارك الفدرالية الروسية، فقد تم تصدير:
- 8.1 أطنان من الذهب إلى كازاخستان.
- 7.3 أطنان إلى سويسرا.
- 5.7 أطنان إلى الهند.
- 5.5 أطنان إلى ألمانيا.
- 3.7 أطنان إلى بيلاروسيا.
- 2.1 طن إلى تركيا.
- 3.7 أطنان لجهات أخرى.
رابعًا: ماذا يعني الذهب بالنسبة لروسيا والاقتصاد الروسي؟
بحسب البنك المركزي الروسي، فقد قدرت حصة الذهب النقدي اعتبارا من 1 يناير/كانون الأول 2022 بنحو 133.07 مليار دولار. ووفق إحصاءات البنك نفسه، انخفض حجم احتياطي الذهب في البنوك الروسية للفترة من 1 فبراير/شباط إلى 1 أبريل/نيسان 2022 بأكثر من 20%.
بالنسبة لروسيا، يعتبر الذهب وسعره عاملان مهمان من عوامل الاقتصاد الكلي، نظرًا إلى أن صناعة تعدين الذهب تلعب دورا مهما في الميزان التجاري، على الرغم من أنها أدنى بكثير من صناعة النفط والغاز.
وفضلا عن ذلك، تحتفظ الاحتياطيات الدولية لروسيا بحصة أعلى من الذهب مقارنة بمتوسط الدول التي لا تصدر عملات احتياطية، مما يعني أنها بحاجة إلى احتياطيات كحماية ضد العقوبات المحتملة.
وفي السنوات الأخيرة، ساهم هذا في إعادة تقييم الاحتياطيات، ولكن في حال انخفضت الأسعار، فهناك خطر حدوث ضربة مزدوجة على كل من الإيرادات والاحتياطيات.