7 مشاكل تتسبب بغلاء السلع والتضخم في العالم أجمع... لن ترخص الأسعار قبل حلها

يأتي التضخم هذه المرة إلى العالم كالعاصفة الجامحة التي تسبب الفوضى في كل مكان، فلا توجد دولة أو بلدة أو منطقة واحدة نجت من ارتفاع الأسعار، من الدول الكبرى والغنية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي إلى الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا.

مع هذا الارتفاع المهول زادت تكلفة كل شيء تقريبا، من حفاظات الأطفال إلى الغذاء وأسعار السيارات، وكذلك تكاليف النقل والعمالة، مما يجعل التضخم هو الكلمة الطنانة في الوقت الحالي، وبدون منازع.

وقد رصدت شبكات أنباء ومواقع أجنبية 7 أسباب يمكن اعتبارها هي المسبب الرئيسي لمشاكل التضخم، ويمكن القول أيضًا ألا أمل في انخفاض الأسعار بدون التعامل مع هذه المشاكل وحلها.

أولًا: غلاء أسعار الطاقة والمحروقات

نتذكر جميعًا كيف تراجعت أسعار النفط في بداية الوباء. لكن الطلب ما لبث حتى عاد إلى الارتفاع منذ ذلك الحين، ووصل إلى أعلى مستوى له في 7 سنوات.

أما حاليًا فتبلغ تكلفة البنزين في الولايات المتحدة 5 دولارات للغالون في المتوسط، وذلك ارتفاعا من 2.39 دولار للغالون قبل عام، وتتكرر القصة في دول الاتحاد الأوروبي وباقي دول العالم.

كذلك قادت زيادة الطلب من الدول الآسيوية إلى ارتفاع أسعار الغاز، إلى جانب شتاء بارد في أوروبا العام الماضي، مما أدى إلى استنزاف احتياطات الغاز في معظم الدول الأوروبية.

ثانيًا: انخفاض كبير في عرض بعض السلع

يعود أصل هذه المشكلة إلى فترة الوباء، فالمستهلكون الذين بقوا في منازلهم خلال فترة الإغلاق أثناء الجائحة شغلوا أوقاتهم بالإنفاق على الإصلاحات المنزلية والسلع اليومية، ولم يذهب عشرات ملايين العمال إلى المصانع التي أغلق معظمها. وهذا أدى إلى نقص كثير من المواد التي كانت تنتجها هذه المصانع، مما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع، من البلاستيك إلى الخرسانة والحديد والصلب، وصولا للمواد الغذائية.

مثلا، ارتفعت قيمة الأخشاب بنسبة 80% عام 2021 في المملكة المتحدة عن قيمتها قبل الجائحة، ووصلت إلى أكثر من ضعف سعرها المعتاد في الولايات المتحدة، وقام كبار تجار التجزئة الأميركيين برفع أسعارهم بسبب ارتفاع تكاليف سلسلة التوريد.

علاوةً على أزمة الشرائح الإلكترونية نتيجة نقص "الرقائق الدقيقة"، وهي مكونات حيوية في السيارات وأجهزة الحاسوب والسلع المنزلية الأخرى، وكل هذا أدى لارتفاع الأسعار في مختلف دول العالم.

ثالثًا: تكاليف الشحن وأزمات سلاسل الإمداد

أصيبت شركات الشحن العالمية التي تنقل البضائع حول العالم بمرض الإنهاك والإعياء، بسبب ارتفاع الطلب بشكل جنوني بعد الوباء. وهذا يعني أن تجار التجزئة اضطروا إلى دفع الكثير من المال للحصول على هذه السلع وإيصالها للمحلات والمتاجر، وكما هي العادة دائما تم تحميل هذا الفرق في أسعار الشحن للمستهلكين والناس العاديين.

مثلا، تبلغ تكلفة إرسال حاوية واحدة حجم 40 قدما من آسيا إلى أوروبا حاليا 17 ألف دولار، وهو أعلى بـ 10 مرات مما كان في السابق عندما كانت التكلفة لا تزيد عن 1500 دولار فقط.

وصاحب هذا الارتفاع في تكاليف الشحن البحري ارتفاع آخر مماثل في تكاليف الشحن الجوي، ومما زاد من تفاقم المشكلة النقص في سائقي الشاحنات الذين سينقلون هذه البضائع من الموانئ والمطارات إلى مستقرها الأخير في المتاجر كي تصل للمستهلكين.

رابعًا: نقص العمالة وارتفاع الأجور

استقال الكثير من الموظفين والعمال أثناء الجائحة أو تمت إقالتهم بسبب الإغلاقات الطويلة، كما انتقل عدد كبير منهم للعمل في مهن أخرى.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، استقال أكثر من 4 ملايين شخص من وظائفهم في الولايات المتحدة خلال شهر أبريل/نيسان الماضي فقط، وفقًا لوزارة العمل الأميركية، وهو أكبر ارتفاع في عدد العمال المستقيلين على الإطلاق.  ونتيجة لذلك، تواجه الشركات مشاكل كبيرة في تعيين موظفين جدد مثل السائقين ومعالجي الطعام ونوادل المطاعم.

وأشارت دراسة استقصائية شملت 50 من كبار تجار التجزئة في الولايات المتحدة إلى أن 94% منهم يواجهون مشكلة في ملء الوظائف الفارغة التي يحتاجونها.

نتيجة لذلك، يتعين على الشركات زيادة الرواتب والأجور أو تقديم مكافآت مالية لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم. مثلا، تقدم "ماكدونالدز" (McDonald’s) و"أمازون" (Amazon) مكافآت توظيف تتراوح بين 200 دولار وألف دولار.

وهذه التكاليف الإضافية لصاحب العمل يتم نقلها مرة أخرى إلى المستهلكين والناس العاديين، مما يقود إلى ارتفاع الأسعار.

خامسًا: الجفاف وأزمات المناخ

أسهمت تقلبات الطقس المتطرفة في أجزاء كثيرة من العالم في زيادة نسبة التضخم، وارتفاع الأسعار. مثلا، تعرضت إمدادات النفط العالمية لضربة من الإعصارين "آيدا" (Ida) و"نيكولاس" (Nicholas)، اللذين ضربا خليج المكسيك وألحقا أضرارا بالغة بالبنية التحتية النفطية الأميركية.

وتفاقمت مشاكل تلبية الطلب على الرقائق بعد عاصفة شتوية شديدة أغلقت المصانع الكبرى في تكساس العام الماضي. كما قفزت تكلفة إنتاج البن في البرازيل، وهي أكبر منتج في العالم، بعد انخفاض الإنتاج في أعقاب أشد جفاف شهدته تلك الدولة منذ ما يقرب من قرن.

يضاف إلى كل ذلك أزمات الجفاف التاريخية التي شهدتها العديد من الدول المنتجة للحبوب، كما الهند والأرجنتين.

سادسًا: أسعار الجمارك الباهظة

انخفاض الإيرادات المالية بسبب الجائحة دفع عددا كبيرا من دول العالم لرفع الجمارك لتعويض النقص في موازناتها، وهو ما قاد إلى ارتفاع آخر في الأسعار.

كما أسهمت بعض التقلبات السياسية في بعض الدول في زيادة الجمارك... مثلا قامت الولايات المتحدة برفع الجمارك على عدد كبير من السلع الصينية مما أدى إلى ارتفاع أسعارها على المستهلكين.

وفي هذا السياق، قالت شركة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" (Huawei) العام الماضي إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الشركة في عام 2019 أثرت على الموردين الأميركيين والعملاء العالميين.

سابعًا: انقطاع شلال السيولة المجانية فجأةً

تتراجع الحكومات في جميع أنحاء العالم عن الدعم الذي كانت تقدمه للشركات والأفراد للتخفيف من تأثير فيروس كورونا، حيث زاد الإنفاق العام والاقتراض في جميع أنحاء العالم أثناء الوباء. أدى ذلك إلى زيادات ضريبية أسهمت في ضغط تكلفة المعيشة، في حين ظلت أجور معظم الناس على حالها دون تغيير.

وفي الحقيقة، فإن انتهاء الدعم أدى إلى زيادة الأعباء والتكاليف على العائلات والأسر في مختلف أرجاء العالم.

والجانب المثير للتهكم بالأمر، أن المليارات التي ضختها أمريكا والاتحاد الأوروبي لدعم اقتصاداتهم وشعوبهم أثناء الجائحة، تدفع ثمنها شعوب الدول النامية والفقيرة حاليًا بعد الجائحة. فإذا كانت القدرة الشرائية للمواطن الأمريكي تضررت بنسبة 8% سيكون الضرر بالنسبة لمواطن دولة نامية 25-50% وبالنسبة لمواطن دولة فقيرة 200% أحيانًا.