الصين تضع عينها على الغاز القطري... شراكة جديدة على أكبر مشروع غاز مسال بالعالم

نقلت وكالة "رويترز" العالمية للأنباء، عن "ثلاثة مصادر مطلعة"، قولها إن شركات نفط وطنية كبرى في الصين وصلت إلى مرحلة متقدمة من المحادثات مع قطر من أجل الاستثمار في توسعة حقل الشمال الشرقي ضمن أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال في العالم، وبالتالي شراء الغاز بموجب عقود طويلة الأجل.

وذلك يؤسس لشراكة فريدة من نوعها بين البلدين، أكبر مستهلك وأكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، مع سعي الدولة المصدرة للطاقة في الشرق الأوسط لتوسيع قاعدة عملائها الآسيويين.

علمًا أن قطر لم تدخل سابقًا في شراكات مع الصين بهذا المجال، على عكس العراق التي أُتخمت بالشركات الصينية وباتت تبحث حاليًا عن مستثمر غربي لغازها ونفطها.

وقالت المصادر المطلعة على المناقشات لـ“رويترز“، إنه من المتوقع أن تستثمر كل من شركتي ”سي.إن.بي.سي“ و“سينوبك“ اللتين تسيطر عليهما الدولة بحصة 5% في خطي تصدير منفصلين، في إطار مشروع توسعة حقل الشمال، الذي تقدر تكلفته بحوالي 30 مليار دولار.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول صيني كبير في قطاع الطاقة إن ”المشاركة، حتى ولو بحصة صغيرة، ستمنح الصينيين الوصول المباشر إلى المشروع الذي يشهد مشاركة عالمية بدرجة كبيرة، وتعلم خبرات إدارية وتشغيلية“.

وتشمل توسعة حقل الشمال 6 خطوط إنتاج للغاز الطبيعي المسال ستزيد قدرة الإسالة في قطر من 77 مليون طن سنويا إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2027، مما يعزز مكانتها كأكبر منتج في العالم.

وقالت المصادر، إن قطر تعامل كل خط تصدير كمشروع مشترك واحد، وسوف تستثمر كل من ”سي.إن.بي.سي“ و“سينوبك“ في خط منفصل.

وامتنعت شركة ”سينوبك“ عن التعليق، بينما قال ممثل لشركة ”سي.إن.بي.سي“ إنه لا يمتلك المعلومات الكافية للحديث بالأمر.

وقبل أيام قال الرئيس التنفيذي لـ "قطر للطاقة" خلال مراسم توقيع مع شركة "توتال إنرجيز"، إن "قطر للطاقة" ستعلن عن مزيد من الشركاء في الأيام المقبلة لتوسعة شرق حقل الشمال للغاز، وهو جزء من أكبر مشروع في العالم للغاز الطبيعي المسال، وفق ما نقلته وكالة ”رويترز“ آنذاك.

وتتشارك الدولة الخليجية مع شركات طاقة عالمية في المرحلة الأولى والأكبر من مشروع التوسعة، الذي تبلغ تكلفته نحو 30 مليار دولار.

وقال الرئيس التنفيذي "سعد الكعبي"، والذي يشغل كذلك منصب وزير الدولة لشؤون الطاقة، إن "التوقيعات التالية ستعلن في المستقبل القريب، وربما بحلول نهاية الأسبوع المقبل".

يأتي ذلك بينما ارتفعت واردات الصين من الغاز المسال في العام الماضي، لتصبح أكبر مستورد حول العالم، متجاوزة اليابان، التي احتفظت باللقب لمدة 51 عامًا.

وأظهر تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال بلغت 10.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، العام الماضي، في المتوسط، بزيادة 19% (1.7 مليار قدم مكعبة يوميًا) عن عام 2020.

وبذلك كانت واردات الغاز المسال الصينية أكبر من نظيرتها اليابانية بنحو 0.8 مليار قدم مكعبة يوميًا، وفقًا للتقرير.

الصين... عندما تكون حليف الجميع ولست حليفهم في آن واحد:

كرست بكين في العقدين الماضيين قدراً كبيراً من الوقت والموارد بغية بناء روابط دبلوماسية وتجارية مع جميع اللاعبين الأساسيين في الشرق الأوسط... فلا تستطيع سوى قلة من الدول الأخرى أن تتباهى بعلاقاتها الجيدة مع إيران وإسرائيل والسعودية ودول الخليج العربية الأخرى في نفس الوقت. علماً أن التوازن في صلات بكين لا يزال مكوناً حاسماً في استراتيجيتها الإقليمية.

وحينما قام "شي جينبينغ" بأول رحلة له إلى المنطقة كرئيس لجمهورية الصين الشعبية في يناير (كانون الثاني) 2016، شكلت المملكة العربية السعودية أولى المحطات التي توقف فيها ووقع هناك اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بين بكين والرياض. وتوجه بعد ذلك مباشرة عن طريق الجو إلى طهران حيث فعل الشيء نفسه مع إيران.

وعلى نحوٍ مماثل، جاءت زيارة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" إلى المنطقة في مارس (آذار) الماضي، وقد كرر فيها الموضوعات ذاتها في خطاب السياسة الخارجية الصينية حول "مشاريع مربحة للجانبين" والاحترام المتبادل والحوار في الشرق الأوسط. وقد أكدت تلك الزيارة على استمرار بكين في اتباع نهج الصداقة مع الجميع الذي خدمها جيداً.

وبالتالي، قادت تلك التحركات كثيرين، من بينهم مجموعة متنوعة من خبراء السياسة الخارجية، وكتاب في هيئات التحرير لدى صحف رئيسة، وأعضاء في الكونغرس الأميركي، قادتهم إلى استنتاج أن الصين تخفي طموحات إقليمية كبيرة.

ووفقاً لروايات أولئك الأشخاص، تضفي عوامل كموقع الشرق الأوسط الفريد كمركز لوجستي، ومورد للوقود، وعنق زجاجة محتملة في التجارة العالمية، على تلك المنطقة أهمية حاسمة بالنسبة إلى هدف "شي جينبينغ" المتمثل في إعادة توجيه الحوكمة العالمية بحيث تتركز بعيداً من الولايات المتحدة.

وهكذا تكون الصين قد نفذت، بشكل واضح، سياسة خارجية هجومية في السنوات الأخيرة. بعدما أخذت القيادة الصينية في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008، وتسلم "شي جينبينغ" زمام السلطة في 2012، تبتعد بصورة بطيئة عن القول المأثور للزعيم البارز السابق "دينغ شياو بينغ" بأن على البلاد أن "تخفي قدراتها وتتحين الفرص المناسبة".