سوريا تعود لما قبل عصر الصناعة... مصانع كبرى توقف عملها مع تتابع أزمات المازوت
تتسبب أزمات المحروقات المتتابعة في سوريا بحالة من الشلل وعدم الاستقرار في قطاعات الصناعة التي يحتاجها البلد أكثر من أي وقتٍ مضى من أجل تعديل العجز في الميزان التجاري وتخفيف الحمل على صادرات الطعام التي تهدد أمن السوريين الغذائي.
لكن وكما يقال فإن رأس المال جبان، لذلك فإن العديد من المصانع والاستثمارات توقفت أو تكاد تتوقف مع تفاقم المناخ الاقتصادي غير الملائم في البلد المترافق مع سيل الأزمات التي برهنت الحكومة على عجزها أمامها.
في هذا الصدد رصدت صحيفة "الوطن" المحلية عددًا من الشركات الصناعية الكبرى التي توقفت في مدينة حماة، مما يمكن اعتباره دلالة على وضع الصناعة في سوريا عمومًا.
وبيَّن المدير العام للشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية بحماة "عبد الناصر المشعان"، أن معمل صهر الخردة بالشركة، توقف عن العمل والإنتاج بسبب شح المازوت.
وأوضح أن حاجة المعمل من المازوت شهرياً نحو 168 ألف ليتر. ولتأمين ذلك تم التواصل مع الجهات المعنية بالمحافظة والعاصمة، لعلها تساعد في توفير المازوت للشركة، لكنها اكتفت بالوعد.
وبيَّن المدير العام للشركة العامة لصناعة الزيوت بحماة "عبد المجيد القلفة"، أن العمل متوقف أيضاً للسبب ذاته، وذلك حتى تأمين حاجة الشركة من المازوت وقدرها نحو 75 ألف ليتر.
وذكر أن الشركة تعمل حالياً لمصلحة الغير، أي للقطاع الخاص الذي يؤمن حاجته من مستلزمات العمل والإنتاج بطرقه الخاصة. وكشف أن مبيعات الشركة تقتصر اليوم فقط على المخزون من الإنتاج.
وأكد المدير العام للشركة السورية للإسمنت، والعربية لصناعة الأدوات الصحية والبورسلان بحماة "الطيب يونس"، أن العمل بشركة الأدوات الصحية متوقف منذ 18/4 بسبب ندرة المازوت اللازم للعمل والإنتاج. ولفت إلى أن حاجة الشركة من المازوت ما بين 170-180 ألف ليتر.
أما العمل بشركة الإسمنت فمستمر لكون الأفران تعمل بالفيول، ولكن شح المازوت أثر في آليات الشركة، وهو ما يضطرها لاستئجار آليات للعمل ونقل إنتاجها، ما يكبدها نفقات باهظة ويسهم بزيادة كلف الإنتاج. وأوضح أن حاجة الشركة من المازوت ما بين 170-180 ألف ليتر أيضاً.
ومن جانبه كشف رئيس غرفة الصناعة بحماة "زياد عربو" أن معظم المنشآت الصناعية توقفت عن العمل بسبب شح الكهرباء والمازوت، ولكنها لم تقدم بيانات بتوقفها عن العمل للغرفة منتظرة الفرج القريب.
وبيَّن أن العديد منها يشتري المازوت بالسعر الحر من السوق السوداء، ومنها ما يعمل بنصف وردية فقط لكي تغطي نفقاتها وتعيل أصحابها.
وأفصح عدد من أصحاب المنشآت والمعامل الصناعية، أنهم يشترون المازوت بسعر ما بين 4500-6000 ليرة، وأن بعضهم اضطر لتسريح عماله لأنه لم يعد يستطيع تسديد أجورهم.
من جهته، كشف مصدر في اللجنة الفرعية للمحروقات بحماة، أن مخصصات المحافظة من المازوت لم تتجاوز 11.5 طلباً فقط باليوم.
يذكر أن وزارة النفط أكدت في وقت سابق، أن انفراجات ستشهدها سورية فيما يخص المشتقات النفطية من بنزين ومازوت وفيول، وذلك بعد وصول ناقلتي نفط محملتين بقرابة مليوني برميل من الخام إلى مصفاة بانياس وبدء تفريغ حمولتيهما.
لكن الخبراء يصرون على أن ناقلات النفط التي تصل دائمًا بعدما تبلغ الأزمات ذروتها، لن تؤدي إلى مناخ اقتصادي وصناعي سليم ولن تُحدث انفراجًا، فالأمر لا يتعلق بقدوم الإمدادات فقط بل باستمرارها وسهولة الحصول عليها.