أمريكا تفاوض الصين لكسر احتكارها لمعادن نادرة تشكّل كل شيء إلكتروني تقريبًا

أفاد تقرير إخباري حديث نشرته شبكة ”فوكس نيوز“ الأمريكية، أن لقاءً أمريكيا صينيا سيتم في وقت قريب بهدف ”كسر احتكار الصين للمعادن النادرة“.

وجاء في التقرير أن ”وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن سيلتقي مع نظيره الصيني وي فنغي، وجهاً لوجه لأول مرة خلال جولة في آسيا الأسبوع المقبل“.

وستتركز أهمية هذا الاجتماع بتسليط الضوء على احتكار الصين للمعادن والفلذات النادرة التي تعتبر المكون الأساسي للمقاتلات والصناعات العسكرية الأمريكية.

ونقلت الشبكة الأمريكية عن مسؤول أمريكي مطلع قوله إن ”الحكومة الصينية وافقت رسميا على اللقاء وتواصلت مع البنتاغون أمس الجمعة، لتحديد موعد الاجتماع، حيث سيتركز على إدارة المنافسة المحتدمة بين الصين والولايات المتحدة على معادن الأرض النادرة“.

وقالت إن ”هذه المعادن المعدنية الـ 17 تشكل كل شيء إلكتروني تقريبًا، بما في ذلك أهم أسلحة الجيش الأمريكي مثل الطائرات المقاتلة أف-35 ودبابات أبرامز أم-1، وصواريخ أرض جو وأجهزة الراديو المحمولة ومعدات دفاعية أخرى“.

والمعادن هي: ”الغادولينيوم، اللانثانوم، السيريوم، البروميثيوم، الديسبروسيوم، الإربيوم، الأوروبيوم، الهولميوم، اللوتيتيوم، النيوديميوم، البراسيوديميوم، السماريوم، السكانديوم، التربيوم، الثوليوم، الإيتربيوم، الإيتريوم“.

ولفتت الشبكة الأمريكية إلى أن الصين تسيطر حاليًا على 90% من الإمداد العالمي بالمعادن الأرضية النادرة وهي سلسلة إمداد مهمة جدًا للأمن القومي للولايات المتحدة.

وتابعت أن ”وزارة الدفاع قدمت اقتراحا تشريعيا إلى لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب تطلب فيه تخصيص مبلغ 253.5 مليون دولار لبناء مخزون معادن أكبر“.

وبحسب المسؤول الأمريكي، فإنه ”إذا توقفت سلسلة التوريد لهذه المعادن ستتوقف الطائرات عن الطيران وستتوقف الدبابات وقد يواجه الجيش الأمريكي مشكلة في الاتصال“.

وقال السناتور "مارك كيلي"، وهو رائد فضاء سابق، ”لقد سافرت في الفضاء فوق الصين عدة مرات ودرت حول هذا الكوكب مئات المرات. تنظر إلى الأسفل فوق الصين وترى ما يشبه البحيرات ذات الألوان الغريبة جدا وهذا لأنهم يعالجون أشياء مثل معادن الأرض النادرة“، في إشارة إلى التلوث الذي تعاني منه الصين بسبب تعدين تلك المعادن.

بدوره، نوّه السناتور "توم كوتون"، إلى أنه ”إذا قطعت الصين تلك الموارد عن الولايات المتحدة فإن مخزون وزارة الدفاع الحالي سيستمر أقل من عام“.

ووفقا للشبكة الأمريكية، فإن ”إنتاج وتعدين هذه المواد في الولايات المتحدة لا يزال محدودا للغاية بسبب اللوائح البيئية الشديدة، لأن قضايا سلسلة التوريد الأخرى لا تساعد“.

وتابعت أنه ”بالنظر إلى التوترات المتصاعدة مع الصين بشأن تايوان والحرب في أوكرانيا فإن احتكار بكين للمعادن الأرضية النادرة يعد قضية مقلقة للأمن القومي الأمريكي“.

احتكار صيني مخيف يمتد إلى كل مكان!

يؤكد "أحمد الطالب محمد"، وهو خبير الموارد المعدنية في موريتانيا، أن الجهود الصينية لاحتكار المعادن الإستراتيجية أو التربة النادرة لا تتوقف على مصادرها المحلية، بل سعت -بقوة- وراء مناجم التربة النادرة في أفريقيا، وغالبًا ما تبادلت تطوير البنية التحتية أو بيع المواد الدفاعية مقابل حقوق التعدين الحصرية.

مثلًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية اكتسبت الصين حقوقًا في مناجم الليثيوم والكوبالت والكولتان، وتُستخدم هذه المعادن في بطاريات السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بما في ذلك الهواتف الذكية وأجهزة الحواسيب المحمولة.

ومقابل الحصول على هذه الموارد، وافقت الصين على بناء المشروعات التي تشتد الحاجة إليها، مثل الطرق الحضرية والطرق السريعة والمستشفيات.

كينيا -أيضًا- هي هدف صيني آخر، فقد حصلت الدولة التي تقع شرق القارّة الإفريقية على 666 مليون دولار من الصين لبناء مركز بيانات، وهو قيد الإنشاء حاليًا.

ومن بين الدول الأفريقية التي تفاوضها الصين، نجد كلًا من: الكاميرون، وأنغولا، وتنزانيا، وزامبيا.

وتحظى تنزانيا بأهمية خاصة؛ بسبب وجود العديد من عناصر التربة النادرة ذات الأهمية العسكرية، بما في ذلك النيوديميوم والبراسيوديميوم، وهما عنصران أساسيان في تقنية الذخيرة الموجهة بدقّة.

كما أصبحت الصين لاعبًا اقتصاديًا جديدًا مهمًا في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، إذ زادت التجارة بين الصين وأميركا اللاتينية من مستويات لا تكاد تُذكر في عام 1990، إلى 10 مليارات دولار في عام 2000، و270 مليار دولار في عام 2012، وفي السنة نفسها اكتُشف مخزون مهم من التربة النادرة بقيمة 8.4 مليار دولار في البرازيل، و اليوم أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للبرازيل بلا منازع.

ويخلص الخبير إلى أن الولايات المتحدة -رغم محدودية إمكانات التحرك- تسعى جاهدة بكل ما أوتيت من قوة لحصر النفوذ الصيني وتنويع سلاسل التوريد، إلّا أنه لا يمكنها تحقيق ذلك قبل عقد من الزمن، وأن أيّ تحرك جذري بعيدًا عن الصين وسلاسل التوريد الأخرى في آسيا من شأنه أن يؤثّر بشكل كبير لدى المستهلكين الأميركيين؛ لكونه سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار هذه المواد، خاصة مع تزايد الطلب المحلي على البطاريات والمركبات الكهربائية التي من المقرر أن تصل مبيعاتها إلى 12.2 مليونًا في عام 2025، حسب بعض المعطيات الموثوقة.

ثم يختتم معتبرًا أن الخيار الأفضل للولايات المتحدة الأميركية في الوقت الحالي، هو العمل مع الحلفاء -مثل الاتحاد الأوروبي- لتقليل الاعتماد على اللاعبين المهيمنين -مثل الصين- ومحاولة تأمين مراكز معالجة خارج الحدود يمكنها إنتاج المواد المهمة بكلفة معقولة، وبعيدًا عن تحركات قوى الضغط في مجال البيئة.