الدولار القوي يفشل في كبح التضخم والذهب يصعد من قاع أسبوعين
ارتفعت أسعار الذهب من أدنى مستوى لها في أسبوعين منذ أمس الأربعاء، واستمرت في ارتفاعها بشكل جزئي في تداولات الخميس، بينما يتطلع المستثمرون إلى المعدن الثمين الذي يعتبر ملاذًا آمنًا وسط مخاوف بشأن زيادة التضخم بسبب ارتفاع أسعار الوقود في المقام الأول.
وفي تداولات اليوم ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.3% إلى 1852 دولارًا للأونصة، بعد أن وصل إلى أدنى مستوياته في 19 مايو/ أيار عند 1827.80 دولار.
إعصار لم يسبق له مثيل:
في هذه الأثناء يتخوف الخبراء وصناع القرار في أمريكا أن الدولار القوي الذي نتج عن تبني سياسة الفائدة المرتفعة، لم ينجح في كبح التضخم كما المطلوب، لكنه في المقابل تسبب بمخاطر الركود للبلاد، مع ارتفاع تكلفة الاقتراض وتدهور بورصات الصناعة والتكنولوجيا.
وفي معرض تعليقه على مآلات الأوضاع في المنطقة، يصف "جيمي ديمون" رئيس مجلس إدارة بنك ”جي.بي مورجان تشيس“ ورئيسه التنفيذي، التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي بأنها أشبه بالـ "إعصار الذي لم يسبق له مثيل".
وحث "ديمون" مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، على اتخاذ ”إجراءات قوية“ لتجنب إيقاع أكبر اقتصاد في العالم في براثن الركود.
وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من لقاء الرئيس "جو بايدن" برئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي "جيروم بأول"، لبحث التضخم، الذي يحوم حول أعلى مستوى له في 40 عاما.
وفي خضم ذلك يتعرض مجلس الاحتياطي لضغوط لاتخاذ إجراءات حاسمة للحد من معدل تضخم يزيد ثلاثة أضعاف عن هدفه البالغ 2%، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشدة على الأمريكيين.
وقال "ديمون" في هذا الصدد "على مجلس الاحتياطي أن يلبي ذلك الآن برفع الفائدة والتشديد الكمي.. أرى أنه لا بد لهم من اللجوء إلى التشديد الكمي، فلا خيار أمامهم لأن هناك قدرا كبيرا جدا من السيولة في النظام المالي".
والمقلق بالأمر أن المزيد من رفع الفائدة، كما يوصي "ديمون" سيعني احتمالين، إما أن ينجح كبح التضخم مع التورط بركود تقليدي على مستوى واسع، أو أن يفشل مجلس الفيدرالي بالقضاء على التضخم ويجلب لأمريكا والعالم الركود التضخمي.
وتستعد البنوك المركزية الكبرى، التي تخطط بالفعل لرفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، كذلك لانسحاب مشترك من الأسواق المالية الرئيسة في أول جولة على الإطلاق من التشديد الكمي العالمي، مما يترجم كزيادة للضغط على الاقتصاد العالمي المتباطئ بالفعل.
وأصبحت معركة التضخم النقطة المحورية في جدول أعمال "بايدن" لشهر حزيران/ يونيو الجاري، وسط تراجع شعبيته. وهذا يعني أن عليه تسوية الأمر قبل انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وتتعرض أسواق المال العالمية حاليًا لهزات غير مسبوقة، بسبب حالة عدم اليقين بشأن سياسة البنك المركزي الأمريكي والحرب في أوكرانيا واضطرابات سلاسل التوريد لفترات طويلة بسبب كوفيد-19، فضلا عن ارتفاع عوائد الخزانة، إذ انخفض المؤشر ستاندرد اند بورز 13.3% منذ بداية العام.
وفي إشارة إلى عجز صناع القرار في الولايات المتحدة عن أي خطوات أخرى يمكن تطبيقها، قال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي "جيروم بأول"، إن البنك المركزي الأمريكي "سيواصل الدفع" باتجاه تشديد السياسة النقدية حتى يصبح واضحا أن التضخم يتراجع.
وأضاف "بأول" خلال ندوة نظمتها صحيفة وول ستريت جورنال: ”ما نحتاج أن نراه هو أن ينخفض التضخم بطريقة واضحة ومقنعة، ونحن سنواصل الدفع حتى نرى ذلك“.
وتابع: "إذا لم نر ذلك، فإنه سيتعين علينا أن ننظر في التحرك بشكل أكثر قوة" لتشديد الأوضاع المالية.