من قطر مرورًا بليبيا حتى الجزائر... هل تنجح أوروبا بإقناع العرب لمساعدتها في استبدال الغاز الروسي؟

كان الاعتقاد السائد سابقًا أن الاتحاد الأوروبي يرغب بالتخلص من عبودية الطاقة الروسية سريعًا في إطار الضغط على الروس لإنهاء حرب أوكرانيا واحترام مصالح المعسكر الغربي؛ لكن الأمر الآن تجاوز هذه الأسباب، فيبدو أن الغرب يخطط على المدى البعيد ويرغب باستبدال مصادر الطاقة القادمة من روسيا بالكامل.

وفي حال نجاح الغرب بذلك فإن روسيا، الدولة التي يقوم اقتصادها على موارد الطاقة ولا تمتلك أي صناعات ضخمة أو تكنولوجيا متطورة، ستفقد هيبتها في العالم ولن تنفعها الأساطيل الضخمة ولا الأسلحة المدمرة.

لكن خيارات الاتحاد الأوروبي في البحث عن مصادر جديدة للوقود الأحفوري تنحصر في قطر والجزائر وليبيا، وهي جميعًا دول يواجه الأوروبيون صعوبات جمة في التوصل إلى اتفاقات معها، وفق ما أكده تقرير نشره موقع تلفزيون "BFM".

وأوضح التقرير أنّ من الممكن التوصل قريبًا إلى اتفاق بشأن خطة لفرض الاتحاد الأوروبي حظرًا تصاعديًا على النفط الروسي، وهي الخطوة التي تعارضها المجر حاليًا، لكن على المدى الطويل يريد الاتحاد الأوروبي الاستغناء عن كل الهيدروكربونات الروسية بما في ذلك الغاز الذي يعتمد عليه بشدة.

وبينما تبحث أوروبا عن مورد جديد، تمثّل قطر واحدة من أفضل الخيارات الأوروبية، لا سيما أنها تعتبر المنتج الرئيس للغاز الطبيعي من بين الخمسة الأوائل في العالم إضافة إلى أنّها دولة تستثمر بشكل كبير في هذه الطاقة، إذ تتوقع قطر زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 64% في غضون خمس سنوات.

لكن التقرير أشار إلى أن لدى قطر مطالب تخلق نقاطًا شائكة في مفاوضات العقود، أولها أنّها تريد اتفاقية طويلة الأجل لا تقل عن عشر سنوات لضمان أن استثماراتها مربحة بينما يفضل الاتحاد الأوروبي الالتزام لمدة خمس سنوات فقط.

وأشار التقرير إلى نقطة توتر أخرى وهي مسألة السعر، حيث تصر قطر أن يتم تسعير الغاز بسعر النفط، كما أن هناك معضلة أخرى وهي أنّه يجب أن يتفق الطرفان على شروط هذه الاتفاقية.

وأوضح التقرير أنّ ألمانيا مثلا معتادة على إعادة توجيه وإعادة بيع تدفقات الغاز إلى جيرانها بينما تريد قطر فرض "شرط تحديد الوجهة" لمنع ذلك، وهو ما يرفضه الاتحاد الأوروبي جملةً وتفصيلًا، ولا تزال ألمانيا تواصل محادثاتها مع الدوحة في هذا المجال.

ووفق التقرير فإن "الغاز القطري لن يكون كافيا لتلبية احتياجات الدول الأعضاء للاتحاد الأوروبي، ويمكن لدول أخرى أيضًا تزويد الاتحاد، خاصة تلك الموجودة في شمال أفريقيا ولديها احتياطيات كبيرة، مثل الجزائر أو ليبيا".

وإذا توجهنا إلى دول شمال أفريقيا، سنرى مشاكلًا من نوع آخر، مثل أنها مرتبطة بدول جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا بخطوط أنابيب الغاز موجودة بالفعل.

واعتبر التقرير أن الجزائر تبتز حاليا إسبانيا، التي أيدت علنا مشروع الحكم الذاتي للصحراء الغربية (في تطابق مع وجهة النظر المغربية)، ما أثار غضب الجزائر، ونتيجة لذلك تراجعت بالفعل صادرات الغاز إلى مدريد بنسبة 35% في أبريل/نيسان الماضي.

وعلى صعيد آخر وقعت الجزائر عقودًا جديدة مع إيطاليا، وهي بشرى سارة للبلد الذي اقترب من ليبيا أيضًا للتزوّد بالغاز. لكن الوضع السياسي في البلاد غير مستقر، ما يخلق اضطرابات في الإنتاج، وفق التقرير.

أما بالنسبة لليبيا، فعلى الرغم من مورداها الطبيعية الضخمة، إلا أنها تعاني من افتقارٍ شديد بالبنى التحتية، والتقنيات اللازمة لتصدير الغاز أو النفط إلى أوروبا بكميات كبيرة وبشكل متواصل وفعال.

وخَلُصَ تقرير "BFM" إلى أن دول شمال أفريقيا يمكن توفّر بدائلًا للاستغناء عن الغاز الروسي لكنها ليست موثوقة للغاية، وأشار إلى أنّ السنغال أكدت في الأسابيع الأخيرة أنّها مستعدة لبدء تشغيل حقول الغاز في المحيط الأطلسي وتزويد أوروبا لكن ذلك لن يكون قبل نهاية عام 2023.