الجوع كسلاح... روسيا تطالب برفع العقوبات عنها قبل أن يصل الأمر إلى مجاعة عالمية

تستمر الأزمات الغذائية في التفاقم أكثر وأكثر حول العالم، لدرجة أن البعض بات يصف الحرب الحاصلة حاليًا بـ "حرب الغذاء" التي يتم القتال بها باستخدام "سلاح الجوع"، بدلًا عن كونها مجرد حرب عسكرية بين روسيا وأوكرانيا.

ولما كانت الحرب محتدمة في الساحة الاقتصادية بشكل أشد مما هي عليه على أرض المعركة، فإن العناد الروسي يتسبب في خلق المزيد من العقوبات على موسكو التي تؤدي بدورها إلى تعطيل إمدادات الأسمدة والقمح وسلع غذائية أخرى من كلا البلدين بسبب الصراع، بينما يتهم الغرب الكرملين باستخدام المجاعة كسلاح خلال الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي تصريحٍ اعتبره البعض تهديدًا غير مباشر، قال نائب وزير الخارجية الروسي "أندريه رودينكو"، يوم أمس الأربعاء، إن العقوبات الدولية المفروضة على موسكو يجب أن يتم رفعها "لتجنب أزمة غذاء عالمية".

كيف يمكن أن تؤثر الحرب على غذاء العالم؟

نتذكر كيف أُغلقت موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود منذ 24 فبراير/ شباط، بينما يوجد أكثر من 20 مليون طن من "الحبوب العالقة" في صوامع، بحسب رويترز.

وقد أتى ذلك بينما كانت دول العالم تعاني أساسًا من أزمة واختناق في سلاسل التوريد؛ وإذا أضفنا إلى هذه المعادلة معلومة أن روسيا وأوكرانيا تعتبران سلة غذاء للعالم بالنسبة للعديد من الحبوب والمنتجات الغذائية، وتعتبران أيضًا حلقة لا غنى عنها من سلسلة التوريد العالمية، فإن صورة الأزمة ستكتمل.

حيث تمثل روسيا وأوكرانيا وحدهما نحو 60% من إمدادات القمح العالمية، ويساهم نقص صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا في تفاقم أزمة الغذاء العالمية. وتعتبر أوكرانيا من المصدرين الرئيسيين للذرة وزيت عباد الشمس، بينما تنتج روسيا وأوكرانيا وحدهما 30% من إمدادات القمح العالمية.

ومتابعةً لما سبق، أشار الوزير الروسي "رودينكو" إلى أن حل مشكلة نقص الغذاء يتطلب نهجًا شاملًا، إلى جانب رفع العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية والمعاملات المالية، بحسب تصريحات نقلتها وكالة أنباء انترفاكس.

وأضاف: "نطالب أوكرانيا بإزالة الألغام من جميع الموانئ التي ترسو فيها السفن، وروسيا مستعدة لتوفير الممر الإنساني الضروري".

شعوب العالم الفقيرة إلى مزيد من الجوع بسبب خلافات الكبار:

تدفع الشعوب الفقيرة في العالم فاتورة الحروب والصراعات التي تدور بين الدول الكبرى، وبينما تستطيع الشعوب المرفهة النجاة بالتقشف قليلًا، فإن الناس في مناطق أخرى يقبعون تحت خطر المجاعة والفقر الأسود.

وقد دعا رئيس منظمة الفاو "كو دونجيو"، إلى زيادة التمويل للزراعة لضمان توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه في حالات الأزمات، مشيرًا إلى أن نقص الغذاء "يظل المحرك الأكبر لزيادة المجاعات عالميًا".

وأشار إلى أن 8% من إجمالي التمويل لقطاع الأمن الغذائي الإنساني يذهب إلى الزراعة، وتخاطر الحرب في أوكرانيا بزيادة عدد الأشخاص المهددين بانعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.

وقبل الحرب، كان قد ارتفع بالفعل عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى نحو 193 مليون شخص في عام 2021 وبزيادة تقدر بنحو 40 مليون شخص مقارنة بعام 2020، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم في 2022 وفقًا للتقرير العالمي حول الأزمات الغذائية.

وتعرّض الزيادة في أسعار الطاقة والأسمدة المحصول العالمي المقبل للخطر، وقد يؤدي الصراع الروسي الأوكراني إلى زيادة نقص التغذية المزمن لنحو 18.8 مليون شخص إضافي بحلول عام 2023 وفقًا لأحدث سيناريوهات الفاو.