صناعيون وتجار يحذرون من آثار مدمرة إذا استمر غلاء وندرة المحروقات في سوريا
يؤكد الخبراء أن أبعاد أزمة المحروقات في سوريا، التي تتفاوت منذ سنوات بين ندرة أو انقطاع المادة حينًا، وسعرها الباهظ في السوق الموازية أحيانًا، قد تجاوزت التأثيرات السلبية على صعيد الأفراد والشركات، وباتت أحد عوامل الشلل الاقتصادي في البلد بكل معنى الكلمة.
وبسبب تكرار الحكومة السورية الحل نفسه والسيناريو ذاته للمرة الخامسة خلال عام، تتفاقم الأزمات، وبدلا من التطلع إلى التسهيلات والإعفاءات لجذب بعض الأموال والاستثمارات وتخفيض تكاليف الإنتاج على الصناعيين والفلاحين وتخفيف حدة التضخم، يكون الطريق الأقصر أمام المسؤولين هو "رفع أسعار الطاقة" فتتراجع الأزمة مؤقتًا على حساب جيوب السوريين.
وما إن رفعت الحكومة، الأسبوع الماضي، أسعار البنزين من 2500 إلى 3500 ليرة والمازوت الصناعي من 1700 إلى 2500 ليرة (الدولار = نحو 3900 ليرة)، حتى انعكس القرار فوراً على الأسواق، إذ ارتفعت الأسعار وتفاقمت أزمة النقل، فضلاً عن تراجع عرض بعض السلع والمنتجات وتضرر مختلف القطاعات الاقتصادية.
في هذا الصدد، يؤكد الصناعي السوري "محمد طيب العلو، لصحيفة "العربي الجديد" عدم تنسيق الحكومة مع الصناعيين والتجار قبل رفع أسعار الطاقة، رغم أن الآثار برأيه "ستكون كارثية" إذ سيرفع الصناعيون الأسعار ما يفاقم معيشة السوريين.
ويضيف "العلو" أن وزير التجارة "عمرو سالم"، اجتمع بعد فرض الأمر الواقع، بممثلين عن الصناعيين، طالباً عدم زيادة الأسعار ورفد الأسواق بالسلع والمنتجات، من دون أن يقول لوفدي اتحاد غرف الصناعة والتجارة كيف سيفعلون ذلك؟
ويشير الصناعي السوري إلى افتقار الحكومة للحلول الاقتصادية، إذ تستمر بتدوير عجلة الإنتاج، عبر الإتاوات والوعيد.
وفي المقابل، لا ينكر الصناعي "مصطفى صباغ" الخسائر التي تتكبدها الحكومة، جراء ارتفاع أسعار النفط عالميا وزيادة تكاليف نقل الخام بسبب الحصار وتراجع الإنتاج بسورية إلى أقل من 30 ألف برميل يومياً، في حين يقترب الاستهلاك من 200 ألف برميل.
ولكن، يستدرك "الصباغ" مشيرًا إلى أن الدول التي رفعت أسعار المشتقات النفطية رافقت قراراتها بتسهيلات للقروض وإعفاءات ضريبية ودعم الإنتاج والصادرات، إذ ليس من الحكمة الاقتصادية "رمي الصناعيين والتجار بمستنقع الخسائر وإلزامهم بالإنتاج".
من جهته، حذر الاقتصادي السوري "محمود حسين" خلال حديثه للصحيفة ذاتها، من ركود حاد بواقع "انعدام القدرة الشرائية" وعدم وجود سياح أو غرباء تحرك الأسواق.
ويضيف الاقتصادي السوري أن رفع أسعار المشتقات النفطية "على اعتبارها سلعاً محرضة وتدخل بجميع القطاعات" ستؤثر على الصناعة والزراعة بالدرجة الأولى.
وجاءت أزمة النقل كأبرز نتائج رفع أسعار المحروقات، إذ يؤكد الأهالي عودة الازدحام وقلة وسائط النقل بواقع الأسعار الجديدة وتراجع حصة السيارات من المحروقات المدعومة.
ويشير البعض إلى رفع أجور سيارات الأجرة قبل صدور تعريفة المحافظة بأكثر من 60% رغم الرفع بواقع 100% قبل ثلاثة أشهر وقت سحبت الحكومة الدعم عن المحروقات.
وفي سياقٍ متصل، يقول التاجر "ممدوح شباط" من العاصمة السورية دمشق، إن واقع الاستغلال والاستقواء هو الغالب على الأسواق السورية.
ويكشف التاجر السوري أن معظم محطات الوقود التي كانت تبيع المحروقات المدعومة، تحولت إلى بيع البنزين والمازوت الحر، رغم رفض لجنة المحروقات الطلبات والتحوّل، مؤكداً عودة الازدحام والطوابير وانتشار أسعار عدة للمحروقات.
وكان معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك " سامر سوسي"، قد أكد صرامة الإجراءات بشأن محطات الوقود التي تغش وتتلاعب بمخصصات المواطنين وتعطي فرصة للتداول في السوق السوداء، مشيراً خلال تصريحات صحافية إلى أنه تم إغلاق محطات وقود في أغلب المحافظات السورية لمدة 90 يوما وتطبيق غرامات كبيرة عليهم".