ألمانيا تعتزم العودة إلى عصر الفحم والوقود الملوث تجهيزًا للفطام من الغاز الروسي

أفصحت ألمانيا عن اعتزامها إعادة تشغيل محطات الطاقة المعتمدة على الفحم والنفط، في حال أوقفت روسيا شحنات الغاز الطبيعي التي تؤمن النسبة الأكبر من الطاقة اللازمة لتشغيل أكبر اقتصاد في أوروبا.

وقدّم وزير الاقتصاد الألماني "روبرت هابيك"، يوم أمسٍ الثلاثاء، مرسوم الطوارئ الذي من المفترض أن يُمكِّن الحكومة من إعادة المحطات في حالة نقص الغاز، وفقاً للتشريع المقترح الذي تحدثت عنه وكالة "بلومبرغ".

وتلجأ ألمانيا حاليًا إلى إجراءات استثنائية لم يكن من المتصور اتخاذها، بهدف إبقاء الأنوار مضاءة والحفاظ على مجمعاتها الصناعية الضخمة تعمل، حتى لو كان ذلك يعني التحول إلى الوقود الملوث الذي يزيد خطر الانبعاثات الكربونية ويضرب بـ "السياسة الخضراء" التي تبناها الألمان ودافعوا عنها عرض الحائط.

هذا وتمتلك ألمانيا محطات بقدرة نحو ستة غيغاوات التي تُعد حالياً جزءاً من الاحتياطي الوطني، وكان من المفترض أن يتم إغلاق العديد منها في إطار خطة للتخلص التدريجي من استخدام الفحم.

ويقترح القانون الجديد أن "يتم تقديم الطلب لتوليد طاقة إضافية تعمل بالفحم عندما يكون هناك نقص في الغاز، أو إذا كان هناك تهديد بحدوث نقص الغاز ويجب تقليل استهلاك الغاز في توليد الطاقة".

خطط ألمانيا للطاقة النظيفة قد تذهب أدراج الرياح:

يأتي هذا الإقرار الاستثنائي في حين يريد حزب الخضر الذي يتمتع بنفوذ وقاعدة شعبية معتبرة في البلد، المضي قدماً في سياساته وخططه حتى الوصول إلى أهداف عام 2030. حيث كان من المقرر في البداية التخلص من الفحم تمامًا خلال السنوات القادمة.

لكن ألمانيا لم تستسلم بخصوص خطط التخلص من الفحم، أو أنها تظهر ذلك لإسكات "الخضر" الذين يتمتعون بالشعبية. وانعكس ذلك في أن مرسوم الطوارئ قد تضمن بندًا يؤكد أنه: "يجب أن يُستكمَل التخلص التدريجي من الفحم في ألمانيا بحلول عام 2030. وهذا أكثر أهمية من أي وقت مضى في الأزمة الحالية".

ونص المرسوم أنه: "للوصول إلى ذلك، يتعين علينا تعزيز احتياطاتنا والحفاظ على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الاحتياطيات لفترة أطول على المدى القصير".

وقد أكدت شركات المرافق الألمانية أنها بالفعل تستطيع وجاهزة لإعادة تشغيل المصانع إذا لزم الأمر.

وقالت شركة "يونيبر" (Uniper) إنها يمكن أن توفر نحو 3 غيغاوات من توليد الطاقة بالفحم لتعزيز أمن الإمداد، في حين قالت شركة "آر دبليو إي" إنها تستكشف محطات الطاقة التي يمكن إعادة تشغيلها.

الجدير بالذكر أن ألمانيا تمتلك حاليا 4.3 غيغاوات من محطات تعمل بالفحم و 1.6 غيغاوات من منشآت تعمل بالنفط في الاحتياطي الوطني. مع ذلك، لن يكون الحفاظ على إمدادات الطاقة لدى أكبر مشتر للغاز الروسي في أوروبا أمراً سهلاً.

والجانب الذي اعتبره البعض مثيرًا للسخرية في الأمر، أن قارة أوروبا تعتمد على روسيا أيضًا في تدبير الغالبية العظمى من الفحم الحراري الذي تستورده لتشغيل محطات الطاقة الملوثة، والتي التزمت ألمانيا بالفعل بإغلاقها خلال 2022 والعام المقبل.

هل يمكن لأوروبا الحصول على الفحم من أماكن أخرى؟

تشتري أوروبا نوعين من الفحم من روسيا: حراري، يتم حرقه بواسطة محطات توليد الطاقة، وفحم معدني يستخدم في صناعة الصلب. إذ تبلغ حصة روسيا من واردات الاتحاد الأوروبي من الفحم الحراري 70% تقريباً، وتعتمد ألمانيا وبولندا عليه بشكل خاص.

ونظراً لأن الكثير من وقود أوروبا يأتي من روسيا، سيتعين على شركات المرافق الأوروبية دفع المزيد للحصول على الفحم من أماكن مثل جنوب أفريقيا وأستراليا.

وقد قال مسؤول حكومي في هذا الصدد، إن محطات الفحم سيُعاد تشغيلها إذا هدد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بقطع الغاز، وهذا من شأنه أن يطلق المرحلة الثانية من خطة طوارئ الغاز الألمانية المكونة من ثلاث مراحل.

وسيسمح مرسوم الطوارئ للحكومة بتفعيل منشآت الفحم فورًا ودون موافقة البرلمان لمدة تصل إلى ستة أشهر. فيما ستصبح المحطات جزءاً من الاحتياطي حتى 31 مارس/ آذار 2024.