الليرة اللبنانية تهوي مجددًا بعد أشهر من إغراق أسواق البلد بالدولار

تخطى سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية حاجز الـ 33 ألف ليرة اليوم في تعاملات سوق النقد غير الرسمية (السوق السوداء) وعند الصرافين، وتراوح متوسط سعره بين 33,100 و33,600 ليرة للدولار الواحد، حتى الساعة.

وكان الدولار قد افتتح تداولات الصباح، بسعر تراوح بين 32,500 و32,600 ليرة لكل دولار. بعدما قال مصرف لبنان المركزي في بيان يوم الأربعاء 18 مايو/أيار 2022، إنه سيواصل السماح للبنوك بشراء الدولارات دون سقف عبر منصة صيرفة التابعة له حتى نهاية يوليو/تموز.

وتعرضت تلك السياسة لانتقادات باعتبارها غير مستدامة لاستخدامها احتياطيات محدودة من الدولار الأمريكي لدعم العملة المحلية، التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها منذ بدء الأزمة الاقتصادية في عام 2019.

لماذا عادت الليرة اللبنانية إلى القاع مجددًا؟

نقل موقع "نيوزفوليو" الإخباري اللبناني، عما قال إنه مصدر رفيع في مصرف لبنان، في معرض تفسيره لارتفاع سعر صرف الدولار "بشكل جنوني" بعد انتهاء الانتخابات النيابية، قوله إن السبب الأول هو انتهاء الإنفاق الانتخابي السخي للمرشحين الذي بدأ قبل ثلاثة أشهر من الاستحقاق واستمر حتى 15 أيار الماضي.

وقد اعتبر المصدر أن هذه الأموال الضخمة بالعملة الأميركية والتي صبّت كلها في السوق اللبناني، كانت كفيلة بإراحة السوق لأكثر من 5 أشهر بالحد الأدنى، متسائلًا: "ما الذي حصل حتى ارتفع سعر الصرف وكأن لا دولار واحد في البلد؟!".

وعاد ليؤكد أنه منذ شهرين وحتى اللحظة الأخيرة من يوم الانتخابات، عمد المصرف المركزي إلى سحب رزمة ماليّة بالعملة الصعبة من السوق السوداء وقدّرت بنحو مليار دولار أميركي، تمّ إغراق السوق بها من خلال سوق الإنفاق الانتخابي الذي بلغ مليارات الدولارات لتغطية تكاليف الإعلانات والمقابلات والتقارير الإعلامية والحملات الانتخابية والتحضيرات اللوجستية والاستشارات السياسية وغيرها.

وأضاف: "قام مصرف لبنان بسحب المليار دولار بعد اجتماعات عدّة داخل المركزي وإقرار ضمني بتمديد التعميم 161 حتى آخر تموز بشكل مبدئي مع إمكانية التمديد أكثر إذا سمح السوق بذلك في ذاك الوقت، وذلك لتمويل هذا التعميم من تلك المليار دولار"، وشدد المصدر على أن الحاكم "رياض سلامة" لم يصرف فلسًا واحدًا على هذا التعميم من الخزينة، بل اعتمد بشكل كلّي على ما يحصل عليه من السوق.

واعترف المصدر بالأثر السلبي لهذه الآلية على سعر صرف الدولار، لا سيّما مع حرمان السوق من مبلغ كبير كالمذكور يكفل التداول به الحفاظ على استقرار سعر صرف الدولار لفترات محددة، معتبرًا أن ارتفاع سعر الصرف حتمي ولا مفر منه، لكن اليوم لا سيولة كافية في مصرف لبنان، وبالتالي ليس هناك آلية أخرى للاستمرار في التعميم 161 بالوقت الحالي، معتبرًا أن "ما يفعله "سلامة" سيبطئ من وتيرة ارتفاع سعر الصرف في الفترة المقبلة.

صورة قاتمة للأوضاع في لبنان:

تعددت المشاهد المأساوية لاقتصاد لبنان المنهار، وتنوعت بين أسعار المواد الغذائية التي قفزت 11 ضعفًا، وما ترتب عليها من معيشة أكثر من ثلاثة أرباع السكان تحت خط الفقر، كما سجل معدل التضخم في مارس/آذار 208% على أساس سنوي، وقدرت خسائر القطاع المالي بنحو 70 مليار دولار، ولا تزال المؤسسات الدولية تربط التمويل بالإصلاحات الاقتصادية.

ومن جانبها، حثت الولايات المتحدة القادة السياسيين في لبنان على العمل العاجل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ الاقتصاد.

وقال مصدران وزاريان لـ "رويترز"، الجمعة الماضي، إن مجلس الوزراء اللبناني أقر خطة طال انتظارها للتعافي المالي في آخر جلسة، وذلك بعد 3 سنوات من الأزمة المالية في البلاد.

وتشمل الإصلاحات الواردة في خارطة الطريق خططا لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإعادة بعض مدخرات المودعين بالعملة الصعبة وهي ضمن إجراءات أساسية لإفراج صندوق النقد الدولي عن تمويل مطلوب.