رأس مال الاقتصاد السوري... القطاع الزراعي يصل إلى مرحلة الانهيار بسبب إهمال الحكومة
اعتبر الخبير السوري في مجال التنمية "أكرم عفيف"، أن القطاع الزراعي في البلد بات في حالة "انهيار" أو بمعنى أصح "القطاع الزراعي يحتضر"، محذراً من كارثة حقيقية قد تصيب الزراعة في سورية نتيجة التقصير بوضع الخطط السليمة للمحاصيل الزراعية.
وأكد "عفيف" في تصريح لصحيفة محلية، أن الخطط لإنقاذ القطاع الزراعي جاهزة وموجودة في حال رغبت الحكومة بذلك، لكنه يعتقد أن الحكومة غير جاهزة لتنفيذها. معتبرًا أن الشعارات والتصريحات للنهوض بالقطاع الزراعي كثيرة وبراقة لكنها بعيدة عن الواقع، "لذا علينا ألا ننتظر أكثر حتى لا تقع الفأس بالرأس".
وأضاف الخبير أن القطاع الزراعي يحتاج أولاً وأخيراً إلى دعم قوي للفلاح خاصة أن السوق المحلية قادرة على امتصاص المنتج بما يرضي الفلاح ويخفف من خسائره. معتبرًا أنه من الطبيعي أن يخسر الفلاح موسماً أو موسمين أو أكثر، لكن خسارته اليوم فادحة.
وتباع موضحًا: "كانت تكلفة الدونم تتراوح بين 10 و30 ألف ليرة في الحالات القصوى، أما اليوم فإن تكلفة الدونم بأدنى الأحوال نحو 700 ألف ليرة وهذه كارثة بالنسبة للفلاح لأنه وبحسبة بسيطة حتى يمول المحصول القادم ويؤمن احتياجات أسرته وأطفاله يحتاج إلى 40 دونماً، أي إنه بحاجة إلى 28 مليون ليرة، فهل الفلاح قادر على ذلك؟"
وأكد "عفيف" أن العاملين في القطاع الزراعي لم يعودوا قادرين على الاستمرار بالعمل، والبعض منهم، وبهدف الاستمرار، لجأ إلى الاقتراض وتحمل ضرر الفائدة من القطاع الخاص التي وصلت نسبتها إلى 60 بالمئة سنوياً، أي أكثر من نسبة أرباح الفلاح.
كل ذلك انعكس سلباً على الزراعة، إذ من غير الممكن أن يستمر الفلاح بالعمل في مثل هذه الظروف، ففي منطقة الغاب مثلاً، بذار القمح والسماد أغلبيتها بـ "الدين" سواء من الجمعية أم من المصرف الزراعي.
واعتبر الخبير أن تسعيرة القمح التي وضعتها الحكومة هي "مخجلة"، واصفًا كل من شارك في وضع التسعيرة بالمغرد خارج السرب، ومؤكداً أن الدعم الذي تنادي به الحكومة للفلاح غير صحيح.
تسعيرة بأقل من التكلفة... هل من المنطق تحميل الفلاح فاتورة التضخم والفشل الحكومي؟
بمقارنة بسيطة – يشرح "عفيف" – نجد أن الليمون الحامض والبرتقال سعرته الحكومة بـ 300 ليرة سورية، علماً أن تكلفته أكثر بكثير لأنه يمكن أن يجفف ويستخدم في الكثير من المواد الغذائية.
والغريب أن الحكومة بدلاً من أن تلجأ إلى التصنيع والورشات الأسرية لجأت إلى موضوع الاستيراد والتصدير، علماً أن الحل هو الاعتماد على المنتج المحلي وليس على المستوردات.
واعتبر "عفيف" أن إنقاذ القطاع الزراعي يكون بمضاعفة أسعار المحاصيل الزراعية للفلاح عن الأسعار العالمية وإلا سنبقى ندور ضمن دائرة القضاء على المنتج المحلي لمصلحة المستوردين.
وأضاف أنه على الجهات المعنية أن تتوجه إلى زراعة العديد من المحاصيل وأهمها القمح والذرة الصفراء الصويا وغيرها من المواد التي تتجه إلى التصنيع الغذائي والتي تردم الفجوة بين الحاجة والاستهلاك.
ثم استدرك: "لكن الكارثة دائماً هي الاعتماد على المستوردات"، مبيناً أن الفريق الحكومي يردد دائماً أن ارتفاع الأسعار عالمي، علماً أن المستوردات تأخذ القطع الأجنبي إلى الخارج، أما الأموال التي تعطى للفلاح فهي ليست له وإنما لتحريك الأسواق الداخلية.
حلول وهمية لا تغني من جوع:
أشار "عفيف" إلى أن الكثير من الحلول التي صرحت بها الجهات الوصائية "مجتزأة ووهمية"، فقد أعلنت أنها تستجر يومياً 100 طن من الحمضيات وأن الإنتاج المقدر من الحمضيات هو مليون طن، وبحسبة بسيطة نجد أن هذا الإنتاج يحتاج إلى 10 آلاف يوم، ولاستجرار كامل الكمية نحتاج إلى نحو 27 سنة لاستجرار كامل محصول الحمضيات.
وعمّا يقال حول أن الحمضيات السورية غير صالحة للعصير، يرى "عفيف" أن هذه المعلومة غير صحيحة، والصحيح أن المعامل السورية غير مجهزة ومؤهلة لتحويل البرتقال إلى عصير، داعياً إلى ضرورة أن تكون هناك خلية أزمة واجتماعات على مدار الساعة لإدارة الكوارث الخاصة بالقطاع الزراعي.
ولفت في الختام إلى أن موسم العام الحالي لا يبشر بالخير، لأن جزءاً كبيراً من الشعير قضت عليه العصافير، والحنطة أصابتها أمراض فطرية إضافة إلى العطش، والوزارة لم تصرح بأي شيء من ذلك.