سيناريو الحرب الطويلة... خبراء يحذرون من فاتورة قاسية إذا جاعت الشعوب
حذرت صحيفة الإندبندنت من مجاعة عالمية، ينتج عنها انتفاضات تهدد العالم في الفترة المقبلة، وذلك وسط توقعات بأن يطول أمد الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وجاء في افتتاحية الصحيفة أن "العالم يحتاج إلى الاستعداد لمزيد من الجوع والمجاعة والانتفاضات"، وأن العالم ينتظر المزيد من الألم في شكل ارتفاع أسعار الأغذية، ويحتاج للاستعداد بشكل أفضل.
وبحسب الصحيفة، لا تزال الحرب مستعرة، وقد أوضحت روسيا أنها لا تسعى إلى حل دبلوماسي مبكر، بل على العكس تماما. وقال "سيرغي لافروف"، وزير الخارجية الروسي، إن الموقف "في جوهره" هو أنه هناك حرب مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وذلك بعد تسليم أسلحة غربية إلى أوكرانيا، تعتبرها روسيا أهدافا مشروعة.
ويقول "لافروف"، صراحة وبدون تردد، إن الناتو منخرط في الصراع "من خلال حرب بالوكالة، ويُسلح وكيله في الحرب".
وبتحليلٍ الموقف الروسي المتشدد ودفاع أوكرانيا الذي اعتبرته الصحيفة "قويًا وفعالًا"، يجب أن نفترض أن هذا الصراع سيستمر لبعض الوقت.
وشددت الصحيفة على ضرورة أن يكون التحالف الغربي مستعدا لعواقب شهور من القتال والدمار. وقد بدأ الشعور بهذه العواقب بالفعل، إذ يقع عبء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية على عاتق الناس والدول الأقل قدرة على التأقلم مع الوضع.
وهناك تأثيرات فورية تتراوح من تقنين بيع زيت الطهي في المتاجر البريطانية، إلى ارتفاع أسعار الأسمدة في جميع أنحاء العالم. لكن الصحيفة ترى أن كل هذا قد يكون مجرد مقدمة لأمر أسوأ بكثير، والقصد هنا هو "مجاعة عالمية".
الولايات المتحدة تفهم الوضع وتحاول تجنب خروج النظام العالمي عن السيطرة:
لطالما لعبت الولايات المتحدة دور شرطي العالم، ولطالما كانت تفرض الوصاية وتقدم الأوامر إلى الدول الأخرى التابعة لها أو التابعة لحليفها الأوروبي، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر؛ بطريقة مشابهة لما تقوم به روسيا والصين مع حلفائها أو "أتباعها" إن صح التعبير.
ومن هذا المنطلق فإن حدوث أي خلل في ذلك النظام، بسبب مجاعة أو انتفاضة تحدث في دول محورية كانت ترضخ لأوامر الكبار، سيكون ثمنه باهظًا بالنسبة لكافة القوى العظمى.
تأسيسًا على ذلك، تدرس إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، إضافة مساعدات غذائية إلى حزمة المساعدات العسكرية التي تقدمها للدول الأكثر فقرا.
وعلى الرغم من أن صحيفة الإندبندنت تعتبر الدافع الأول لذلك هو "أسباب إنسانية"، إلا أنها لا تنكر وجود حجة قوية للعمل على أسس أمنية.
وترى الصحيفة أن آخر ارتفاع في أسعار المواد الغذائية العالمية أدى إلى اضطرابات شعبية تسببت فيما يسمى بـ "الربيع العربي"، الذي أدى بدوره إلى اضطرابات وصراعات في شتى أنحاء الشرق الأوسط، استمرت حتى يومنا هذا.
أين يكمن موضع الخطر؟
قال "راجيف شاه"، رئيس مؤسسة "روكفلر" ذائعة الصيت، الأسبوع الماضي، إن هناك خطر "أزمة غذاء هائلة وفورية" حول العالم. كما حذرت منظمة "أوكسفام" البريطانية من أزمة جوع في شرق أفريقيا تؤثر على 28 مليون شخص.
وبالإضافة إلى أزمة الطاقة التي طال الحديث عنها، هناك قلق آخر، وربما أكبر، حسبما توضح الصحيفة. يركز بحقيقة أن روسيا تعد أكبر مصدر للأسمدة في العالم/ وقد ارتفع سعر الأسمدة ثلاثة أضعاف في الأشهر الأخيرة. وسيؤثر هذا على أسعار المواد الغذائية في كل مكان.
وإذا كانت زيادات الأسعار نذير نقص فعلي في الأسمدة، فإن إنتاج المحاصيل سينخفض حتما، والمزارعون في البلدان الأقل نموا هم من سيعانون أكثر من غيرهم، وهكذا تحدث المجاعات.
وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة لن تقدر وحدها على حل أزمة الغذاء التي تلوح في الأفق، وأنه يتعين على جميع منتجي الأغذية البحث عن طرق لزيادة إنتاجهم ووقف الهدر غير الضروري.
ما هي رؤية المؤسسات الدولية؟
أشار البنك الدولي في أحدث تقرير له عن توقعات سوق السلع الأولية، أن الزيادة في أسعار الطاقة على مدى العامين الماضيين هي الأكبر منذ أزمة النفط عام 1973. وأن الزيادات في أسعار السلع الغذائية، التي تعتبر روسيا وأوكرانيا منتجين رئيسيين لها، بالإضافة إلى الأسمدة، التي تعتمد على الغاز الطبيعي، هي الأكبر منذ عام 2008.
وتوقع البنك استمرار صدمات الأسعار العالمية للغذاء والوقود الناتجة عن حرب أوكرانيا حتى نهاية 2024، مما يزيد من خطر ركود تضخمي عالمي.