الروبل الروسي يسجل أفضل أداء منذ عامين على الرغم من صعود مخيف للتضخم في روسيا
استمر الروبل الروسي في وتيرة تعافيه المتسارعة خلال تداولات اليوم الثلاثاء، مسجلًا أعلى مستوى في حوالي عامين أمام اليورو، بدعم من مدفوعات ضريبية من المنتظر أن تدفعها الشركات هذا الأسبوع ومع تطلع السوق إلى قرار البنك المركزي بشأن الفائدة يوم الجمعة.
وقفز الروبل 3.7% في تداولات البارحة ليجري تداوله عند 77.17 مقابل اليورو، بعد أن سجل في وقت سابق من الجلسة 76.396، وهو أقوى مستوى له منذ يونيو حزيران 2020 .
وارتفع الروبل في إغلاق الأمس بنسبة 3.11% أمام الدولار الأمريكي إلى 73.125 ليحوم حول مستوياته قبل 24 فبراير/ شباط عندما أرسلت روسيا عشرات الآلاف من قواتها إلى أوكرانيا.
وعلى صعيد متصل قالت "كسينيا يوداييفا" النائبة الأولى لمحافظ البنك المركزي الروسي يوم الجمعة الماضية، إن الطلب على الروبل ارتفع إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في أواخر فبراير/ شباط، لكن الرفع الطارئ لسعر الفائدة إلى 20% ساعد على زيادة جاذبية الودائع المصرفية.
في الاتجاه المقابل، فقد ارتفع التضخم في روسيا لأعلى مستوى في 20 عامًا حتى الثامن من إبريل/ نيسان الجاري، ويعود السبب الرئيسي إلى التقلبات التي شهدها الروبل في بداية شهر مارس/ آذار الماضي في ظل تطبيق عقوبات غربية على موسكو.
وكشفت بيانات وزارة الاقتصاد الروسية ارتفاع التضخم إلى 17.49% حتى الثامن من إبريل/ نيسان وهو أعلى مستوى منذ فبراير/ شباط 2002، مقارنة بمستوى 16.7% خلال الأسبوع الماضي.
وتترقب السوق قرار البنك المركزي الروسي بشأن أسعار الفائدة بعد أن قرر زيادة في الفائدة بلغت 20% في أواخر فبراير/ شباط ثم أعقبها بخفض قدره 17% في الثامن أبريل/ نيسان.
وأشار استطلاع أجرته رويترز إلى أن البنك سيخفض الفائدة في اجتماعه يوم الجمعة بمقدار 200 نقطة أساس إلى 15%.
ما سر تماسك الروبل الروسي رغم الحرب؟
هناك عدة أسباب تفسر هذا التماسك وعودة الروبل للصعود بعد أسابيع من التراجع الحاد أمام الدولار أبرزها صعود أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، وهو ما وفر سيولة ضخمة للاقتصاد الروسي، فإيرادات روسيا من الطاقة تمثل المورد الأبرز للنقد الأجنبي حيث تتجاوز 100 مليار دولار سنويا.
أيضا دعم قرار الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بيع الغاز الطبيعي إلى الدول "غير الصديقة" بالروبل وليس بالدولار أو اليورو العملة الروسية.
صحيح أن القرار تم تأجيل تنفيذه بعض الوقت، لكن في المقابل فإن هناك بعض الدول أعلنت التزامها به مثل أرمينيا والمجر وسلوفاكيا، مع أن الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة رفضا القرار بشدة وقررا حظر واردات النفط والغاز الروسيين بالكامل.
كما أدار البنك المركزي الروسي أزمة سوق الصرف الأجنبي بطريقة حازمة، فعقب غزو أوكرانيا وتهاوي الروبل اتخذ البنك قرارات عاجلة لدعم العملة المحلية والحد من تهاوي العملة ونزيف النقد الأجنبي.
من بين القرارات زيادة سعر الفائدة على الروبل إلى 20% مقابل 9%، ووضع قيود شديدة على عمليات تحويل الأموال إلى الخارج، ومنع الروس من تحويل أي عملات أجنبية إلى خارج البلاد، وفرض البنك حظرا على بيع الأجانب للأصول الروسية، كما أجبر المُصدّرين الروس على تحويل 80% من عائداتهم الدولارية إلى الروبل.
وزاد تماسك الروبل عقب التزام روسيا بسداد أقساط الديون الخارجية رغم تكهنات وتوقعات مؤسسات التصنيف العالمية بتعثرها عن السداد، خاصة مع تجميد الغرب نحو نصف الاحتياطي الأجنبي، ورفض دول أوروبية عدة قرار الرئيس الأميركي "جو بايدن" الخاص بفرض حظر شامل على النفط والغاز الروسيين، وإعلان الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، أنها لا تستبعد استخدام الروبل واليوان في تعاملاتها في مجال موارد الطاقة مع موسكو بدلاً من الدولار.