هل تكفي مخزونات وإنتاج العرب من القمح لتلافي الأزمة وماذا عن القمح الهندي الرخيص؟

باتت أزمة القمح والمخاطر الجادة التي ترافقها على الأمن الغذائي العربي هي الشغل الشاغل للعرب وحكوماتهم، حيث بادرت عدد من الدول العربية، منها مصر والأردن وتونس والجزائر، بطرح مناقصات جديدة لشراء كميات إضافية من القمح، في محاولة لتأمين حاجات البلاد لأطول فترة ممكنة، تخوفا من تقلبات الأسعار العالمية جراء استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

وعند هذه النقطة يتساءل مواطنون عرب حول إقبال حكومات بلادهم على طرح المناقصات، فيما بدأت بعض الدول العربية جني محصول القمح الجديد، الأمر الذي ينذر بتدني الأسعار المحلية نتيجة وفرة المعروض من القمح المستورد.

وقد نقل موقع "إرم نيوز" عن بعض المختصين أن تفسير هذا التوجه يتركز بأن حكومات بعض الدول العربية قلقة من توجه المزارعين إلى تخزين القمح المحلي بدلًا من تسليمه إلى الحكومة.

واعتبروا أن الاعتماد على القمح المحلي في ظل الأزمات ليس حلًا، خصوصًا أن الكميات التي تنتج ضعيفة مقارنة بالكميات المستوردة.

وتعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم، بمتوسط صادرات سنوية 44 مليون طن، بينما تأتي أوكرانيا في المرتبة الخامسة عالميًا بمتوسط صادرات سنوية تصل إلى 17 مليون طن.

وقال مسؤولون في الحكومة الأردنية، مؤخرا، إن الحكومة طرحت مناقصة جديدة لشراء 120 ألف طن قمح من مصادر متعددة، ومن المرتقب أن تتلقى عروض الشركات نهاية الشهر الجاري على أقصى تقدير.

ووفق معطيات رسمية، يمتلك الأردن احتياطي قمح يبلغ 1.5 مليون طن، ومن المفترض أن يكفي المملكة لمدة 15 شهرًا، فيما يقدر الاستهلاك السنوي بنحو 950 ألف طن.

بينما طرحت الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر، الأسبوع الماضي، مناقصة لشراء كمية غير محددة من القمح من مصادر أوروبية، وحددت موعد الشحن للعروض للتسليم على ظهر السفينة في الفترة بين 20 و31 أيار/ مايو المقبل.

وبالمثل، طرح الديوان المهني للحبوب، المشتري الحكومي للحبوب في الجزائر، الأسبوع الماضي، مناقصة دولية لشراء 50 ألف طن من القمح، وهو مطلوب للشحن على فترات مختلفة جميعها خلال شهري مايو ويونيو المقبلين.

في المقابل، تنتظر تونس استلام شحنة قمح تقدر بنحو 75 ألف طن غدا الأربعاء، كان طرحها ديوان الحبوب التونسي عبر مناقصة دولية في الأول من مارس/ آذار الماضي.

ماذا عن مصادر الاستيراد البديلة كالهند؟

في الواقع يمكن فعلًا أن يوفر القمح الهندي خيارا أرخص للعديد من الدول العربية، لكن سيتعين عليه تخطي ضوابط الجودة بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن.

وبالنسبة لمصر التي كانت سباقة في هذا الصدد، فقد أعلنت وزارة الزراعة الأسبوع الماضي أنها وافقت على الهند مصدرا لاستيراد القمح، لكنها وضعت عدة شروط مثل التفتيش عن الآفات قبل التصدير واستخدام مبيد حشري معين فقط.

وقال "أحمد العطار" رئيس إدارة الحجر الزراعي المصري لوكالة "رويترز" إن الموافقة على المنشأ لا تعني القبول بأي شيء، مضيفا أن هناك شروطا فنية وضعتها الإدارة.

وبالفعل فإن مخاوف الجودة المرتبطة بمرض التفحم الفطري وأيضا الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية، قد ألحقت الضرر في السابق بصادرات القمح الهندية، إذ تلقى بعض الموردين شكاوى قبل بضع سنوات.

لكن التجار والمسؤولين الحكوميين في الهند قالوا إنهم لم يتلقوا أي شكاوى عند تصدير كميات كبيرة هذا العام إلى دول مثل بنغلادش وكوريا الجنوبية وسريلانكا وعمان وقطر وغيرها.

وقال التجار أيضا إن تكاليف الشحن ستشكل تحديا للموردين الهنود، مضيفين أن أقل تكلفة شحن أمس الثلاثاء بلغت 70 دولارا للطن.

وقال "راجيش باهاريا" جين وهو تاجر كبير مقيم في نيودلهي إن "تكلفة شحن القمح الهندي لمصر ستبلغ نحو 70 دولارا للطن مقابل 30-40 دولارا للطن للإمدادات من منطقة البحر الأسود".

ما السبيل الأفضل لتدارك أزمة القمح؟

في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي العراقي "ناصر الكناني" أن "توسيع دائرة استيراد القمح هو الحل الوحيد أمام الدول العربية لمجابهة أي مستجدات قد تطرأ على السوق العالمي، سواء كان الأمر في تقلبات سعرية أو نقص بالمعروض".

وأكد "الكناني"، في معرض حديثه حول قدرة الدول العربية على تلبية حاجاتها من القمح محليا، أن "جميع دول المنطقة تتمتع بمساحات شاسعة من الأراضي، بعضها جاهز للزراعة وبعضها الآخر يمكن استصلاحه لزراعة المحاصيل المستوردة من الخارج".

وسجل سعر طن القمح مطلع الأسبوع الجاري نحو 426 دولارا، مقابل 326 دولارا قبل اندلاع الحرب الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط الماضي.