الملابس الرديئة وسيئة الجودة تغزو الأسواق السورية مع تدهور هائل بقدرة الناس الشرائية
اعتاد الأهالي في سوريا خلال الوقت الحالي من شهر الرمضان أن يقصدوا أسواق الملابس لشراء الحاجيات الجديدة، ويزيد الازدحام في تلك الأسواق تدريجيًا مع اقتراب العيد، فيبذل الباعة قصارى جهدهم لجلب البضائع المميزة والتنافس في التنزيلات.
لكن الغلاء الشديد، والقدرة الشرائية شبه المنعدمة، قد غيّرت هذه العادة كما غيرت الكثير من العادات، إذ انفض الناس عن أسواق الملابس، وبات سعي الباعة منصبًا على اقتناء القطعة الأرخص التي يمكن تصريفها حتى لو عنى ذلك رداءة الجودة أو ابتياع قطع "الستوك".
في هذا الصدد، يقول بائع ملابس في سوق الصالحية بدمشق لموقع "الاقتصادي" الذي رصد أسواق الملابس مؤخرًا: "نتبضّع من تجار الجملة الألبسة التي يطلبها زبائننا، وللأسف كل عام تتراجع القدرة الشرائية للمواطن أكثر، ما يجعلنا نتسوق الألبسة الرخيصة ذات النوعية الوسط أو الأقل من وسط، بالإضافة لبعض القطع الجيدة التي يطلبها جزء قليل من الزبائن".
ويضيف "رغم محاولاتنا التماشي مع القدرة الشرائية للزبون إلا أن الناس اليوم باتوا يفضلون الأسواق الشعبية ليحصلوا على قطع ستوك لكنها تتناسب مع إمكانياتهم المادية، فالعيد مرتبط بالملابس الجديدة لاسيما عند الأطفال وتلبية ذلك سيكون مكلفاً جداً مع تدني الدخل".
ويتابع: "للأسف الألبسة الجيدة باتت حكراً على عدد قليل من الماركات المعروفة التي لها زبائنها، ولكن حتى تلك الماركات لم تعد ملابسها بنفس الجودة التي كانت عليها قبل سنوات".
بدوره يؤكد عضو في لجنة النسيج بغرفة صناعة دمشق وريفها، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن سبب تدني نوعية الأقمشة الموجودة في الأسواق يرجع لأن المواطن اليوم لم تعد لديه القدرة الشرائية ليشتري القطن، لذا فإن صناعيي النسيج تحولوا من صناعة أقمشة قطنية إلى صناعة أقمشة ممزوجة بالبوليستر أو بأنواع أقمشة أخرى رخيصة جداً وغير ذات جودة.
ذلك أن ثمن كيلو القطن المستورد يبلغ حوالي 26 ألف ليرة ومع تصنيعه يصل إلى 40 ألف، فتصبح كلفة القطعة مرتفعة الثمن، وسيكون من الصعب بيعها. أما سعر البوليستر ورغم ارتفاع سعره مؤخراً إلا أنه لايزال أرخص من القطن حيث يبلغ سعر الكيلو حوالي 12 ألف ليرة.
وتابع عضو لجنة النسيج: "الحكومة أيضاً ترفع أسعار الخيوط المحلية بشكل غير مبرر، بينما لابد من تخفيض هذه الأسعار وتحسين جودة الخيط بما يتناسب مع حاجة الصناعة الوطنية، فلا نستطيع تحقيق القوة الشرائية طالما الأسعار مرتفعة، لاسيما وأن رواتب وأجور المواطنين غير قادرة على التلبية".
ويرى الصناعي أن الحل بالاعتماد على الخيط الوطني السوري، والاهتمام بالجودة والمواصفة، ويقول مشتكيًا: "منذ خمس سنوات ونحن نحاول أن نحصل على وعد من وزارة الزراعة بأن يقدموا قطن محلوج لمعامل الغزل، إلا أن هذه المعامل لا تحصل إلا على الأقطان المحلوجة السيئة".
في سياقٍ متصل، كان مجلس الوزراء قد سمح منذ عدة أشهر، باستيراد الأقمشة المسنرة، ومن قبل جميع المستوردين، بعدما كان الاستيراد محصوراً بالصناعيين فقط وضمن مخصصات محددة.
جاء ذلك بعد جدل كبير بين الصناعيين والتجار حول موضوع استيراد الأقمشة المسنرة، حيث طالبت لجنة الاستيراد في غرفة تجارة دمشق آنذاك بالسماح للتجار باستيرادها، فيما رفض الكثير من الصناعيين ذلك واعتبروا أنه سيؤثر سلباً على صناعة النسيج المحلية وجودتها عبر استجرار أقمشة منخفضة الجودة.