معدلات البطالة في سوريا تتجاوز 21% والمتضرر الأكبر هم أصحاب الشهادات الجامعية
يعاني سوق العمل في سوريا من مشاكل لا تعد ولا تحصى، بدايةً من الهجرة وغياب الكفاءات وليس نهايةً بانخفاض الأجور، لكن المشكلة الأبرز تبقى هي البطالة.
بالعودة للماضي قليلًا، فقد ارتفعت نسب البطالة في سنوات الأزمة الأولى إلى مستويات قياسية بلغت 48.5% عام 2015 لتنخفض بعدها، لكن مع بقاءها عالية تزيد عن 31% عام 2019.
أما في الوقت الحالي، فالرقم الذي نقله موقع "هاشتاغ" المحلي بعد تواصله مع المكتب المركزي للإحصاء، يزيد قليلًا عن 21%، لكن المكتب تحفظ على ذكر تركيبة هذه النسبة حسب مستويات التعليم.
على أي حال فإن قراءة سريعة لمعطيات الوضع الحالي في أسواق العمل ستظهر لنا ما يلي:
المهنيون والحرفيون مقابل أصحاب الشهادات:
يبقى أصحاب المهن والحرف في وضع أفضل نسبيا مقارنة بالعاملين بدخل ثابت (الموظفين) في القطاعين العام والخاص، رغم أن عملهم يتسم بعدم الاستقرار ما يجعلهم عرضة للبقاء من دون عمل لفترات طويلة وهذا ما يدفعهم لرفع أجورهم.
يقول أحد المختصين في مجال تمديدات الكهرباء، إنه قد يبقى لأيام طويلة بلا عمل بسبب قلة الطلب على التمديدات الجديدة أو حتى التحسينات الكهربائية في المنازل والمنشآت إلا في الحالات الطارئة نظرا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع.
وهذا حال أبو نضال السمكري، حيث يبين أن عمله مرتبط بإصلاح الأعطال الطارئة لقلة ورش البناء حاليا، لكنه أكد عدم قبوله لأي عمل بأجر ثابت بسبب عدم الاستقرار في الأسعار واستغلال أصحاب العمل لعمالهم ورفضهم لرفع الأجور رغم رفعهم لأسعار منتجاتهم وخدماتهم.
ولعل الخاسر الأكبر خلال الظروف الحالية هم حملة الشهادات الجامعية والعليا وحتى المعاهد، حيث يقول "خالد" الحاصل على شهادة جامعية في الهندسة إنه نادم على السنوات التي قضاها في دراسته، فهو مجبر الآن على العمل في وظيفة لا يحقق دخلها الثابت أدنى متطلبات حاجاته الشخصية، ناهيك عن التفكير في الاستقرار المالي أو الزواج.
وأضاف، أن وقته مستهلك تماماً في العمل، لأنه اضطر للالتزام بعمل في شركة مقاولات بأجر 400 ألف ليرة شهريا، إلا أنها غير كافية أيضاً لأنه يدفع 3000 ليرة وسطيا للتنقل بين عمله في دمشق ومنزل ذويه في معربا، وساعات العمل الطويلة من 9 صباحا حتى الخامسة مساء تتطلب وجبة طعام.
فيما يتمنى "محمود" الحاصل على شهادة معهد متوسط لو أنه وفر سنوات دراسته وأتقن مهنة تجنبه الديون المتراكمة عليه، والتي دفعته للعمل على بسطة للمشروبات والدخان بعد وظيفته في القطاع العام.
أما "بشار" الحاصل على شهادة الماجستير فقد بين أنه لا يجد فرصة عمل تضمن له دخلا وتتناسب مع مستواه التعليمي في نفس الوقت، فقد حاول العمل كسائق تكسي لكنه فشل في التعامل مع هذه المهنة التي تحتاج كل شيء إلا الخبرات التعليمية.