توجه دولي لدعم الدول الهشة اقتصاديًا قبل حدوث تشوه لا رجعة فيه ببنية الاقتصاد العالمي

يلاحظ مؤخرًا توجه عالمي، بقيادة المعسكر الغربي، نحو دعم الدول ذات الاقتصادات الهشة أو النامية، في ظل أزمة اقتصادية عصيبة تمر على العالم، حيث تواجهها الدول الكبرى بسياسات مالية من شأنها أن تعمق المشكلة بالنسبة لدول أخرى فقيرة في النظام الاقتصادي العالمي الذي بات حاليًا أكثر ترابطًا مما مضى.

ولا تقدم الجهات المتربعة على عرش الاقتصاد العالمي هذا الدعم إحسانًا للدول النامية، بل خوفًا من حدوث تشوهات في النظام الاقتصادي العالمي الذي عملوا على بناءه طوال العقود الماضية.

في هذا الصدد، فقد أعلن صندوق النقد الدولي اعتزامه تخصيص نحو 45 مليار دولار لمساعدة "البلدان منخفضة الدخل والهشة ذات الدخل المتوسط."

يأتي ذلك بعدما حذر تقرير صادر عن الأمم المتحدة من أن الحرب الروسية في أوكرانيا تهدد بتدمير اقتصادات عدة دول نامية تواجه الآن ارتفاعا في تكاليف الغذاء والطاقة، وأزمات مالية متزايدة.

وقال صندوق النقد في بيان نشره مساء الأربعاء الماضي، إن مجلسه التنفيذي وافق على إنشاء صندوق تابع بغرض مساعدة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل المعرضة للمخاطر من أجل التعامل مع التحديات طويلة الأجل مثل الأوبئة وتغير المناخ، لافتا إلى أنه سيجري العمل في الصندوق اعتباراً من الأول من مايو/أيار المقبل.

وصرّحت المديرة العامة لصندوق النقد "كريستالينا غورغييفا"، بأن هذه الخطوة تأتي في الوقت الذي يواجه العالم صدمات متتالية، مضيفة: "يجب ألا نغفل الإجراءات الحاسمة اللازمة اليوم لضمان الصمود والاستدامة على الأمد الطويل".

وتابعت أن الهدف من الصندوق الجديد هو إعادة توزيع الأموال من الدول الأكثر ثراء إلى الدول الأكثر هشاشة.

وورد في ورقة أعدها خبراء صندوق النقد الدولي لمجلس الإدارة، أن ما يقرب من ثلاثة أرباع أعضاء الصندوق البالغ عددهم 190 عضواً سيكونون مؤهلين للاقتراض من الصندوق الجديد، بحسب وكالة "رويترز".

الدول النامية والفقيرة... من صدمة الجائحة إلى صدمة الحرب:

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريس"، في تقرير نُشر الأربعاء الماضي، أن الحرب تتسبب بأزمة في الغذاء والطاقة والتمويل في البلدان الفقيرة التي كانت تكافح بالفعل قبل الحرب لمواجهة جائحة فيروس كورونا وتغير المناخ وعدم وجود تمويل كاف لإنعاش اقتصاداتها.

وقالت "ريبيكا غرينسبان"، رئيسة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، والتي نسقت فريق العمل، إن 107 دول تتعرض بشكل كبير لبعد واحد على الأقل من أبعاد أزمة الغذاء والطاقة والتمويل، وأن 69 دولة معرضة بشدة للأزمات الثلاث.

وأضافت "تواجه هذه الدول ظروفا مالية صعبة للغاية بدون قدرات مالية، وبدون تمويل خارجي لتخفيف حدة الأزمة".

ويحث التقرير الدول على ضمان التدفق المستمر للغذاء والطاقة من خلال الأسواق المفتوحة، ويدعو المؤسسات المالية الدولية إلى بذل كل ما في وسعها لضمان مزيد من السيولة فوراً.

في السياق ذاته، ذكر البنك الدولي في تقرير له، أن الحرب الروسية في أوكرانيا، فاقمت مخاطر الديون السيادية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، ما يزد الحاجة إلى اتخاذ تدابير إغاثية أفضل لتجنب "موجة كبيرة" من الأزمات بين البلدان النامية في المنطقة.

وأشار البنك، في تقرير له بعنوان "نبض أفريقيا"، إلى أن نسبة بلدان المنطقة المعرضة لمخاطر الديون كبيرة، قد زادت إلى 60.5% بعد أن كانت 52.6% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأفاد التقرير بأن المخاوف إزاء القدرة على تحمل الديون تزداد في ظل ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة والحرب في أوكرانيا.