النيكل في قاموس الاقتصاد... تعرف على هذا المعدن الهام والجدل الكبير الذي أحدثه مؤخرًا
النيكل هو معدنٌ صلب أبيض يميل لأن يكون فضيّ اللون، جعلت منه قوّته وليونته ومقاومته للحرارة والتآكل عنصرًا مفيدًا للغاية في صناعة وتطوير طائفة واسعة من المواد مثل الأسلاك الكهربائيّة، والعملات النقديّة، والمعدّات العسكريّة.
تمثل روسيا حوالي 9% من إمدادات النيكل العالمي، وتمتلك ما يقرب من ثلث خام كبريتيد النيكل في العالم، وهذا يعطي حالة صادراتها تأثيرًا كبيرًا على سعر معدن الفئة 1 المُتداول به في بورصة لندن للمعادن.
ماذا نستفيد من النيكل ولماذا هو معدن بالغ الأهمية؟
يستخدم النيكل بشكل رئيسي في صناعة السبائك، كما يستخدم بشكل خاص في صناعة الصلب والسبائك غير الحديدية لتحسين جودتها من حيث الصلابة والمتانة ومقاومة التآكل.
فمن العملات المعدنية إلى أدوات الطهي ومحركات الطائرات، وصولا إلى البطاريات والرقائق الإلكترونية يظهر تداخل النيكل في حياتنا اليومية.
كما يتم استخدامه في تصنيع أجهزة الاتصالات المتنقلة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ومسجلات الفيديو، ويدخل أيضاً في الصناعة العسكرية والدفاع والتكنولوجيا المتقدمة، وبشكل عام ووفقا لتقدير جمعية الجيولوجيين الأمريكيين فإن النيكل يدخل في أكثر من 300 ألف منتج حول العالم.
ويرجع ذلك إلى قدرة النيكل الكبيرة على مقاومة التآكل وعوامل التعرية وتحمل درجات حرارة تصل إلى ألف درجة، ولذلك يستخدم بكثافة في المصانع الكيماوية، ومضخات النفط ومعامل تكريره، ومحركات الطائرات ومحطات توليد الكهرباء، والمواقع البحرية المختلفة، وخطوط الإنتاج، ومخازن السوائل، وعلب حفظ الطعام، وفي بعض أنواع الأثاث.
الجدل العالمي الذي تسبب به النيكل مؤخرًا:
قررت السلطات المالية البريطانية فتح تحقيق حول الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار معدن النيكل الشهر الماضي، حيث حقق مستويات قياسية تخطت 100 ألف دولار للطن بارتفاع 50% في يوم واحد في الثامن من مارس/ آذار.
ورأت السلطات البريطانية أن ما حدث يثير تساؤلات حول مدى الشفافية التي تدير بها بورصة لندن للمعادن عملياتها، وقررت التحقيق في الارتفاع الاستثنائي للنيكل، لا سيما بعدما قررت إدارة البورصة تعليق التداول في عقود النيكل مؤقتا وقتها.
ولتبيان الارتفاع الشديد في سعر النيل وقتها يكفي الإشارة إلى أن مستواه القياسي السابق طوال الأعوام الماضية لم يتجاوز 54 ألف دولار، وأن سعره استمر في التراجع حتى وصل إلى مستوى حول 33 ألف دولار للطن في بداية الأسبوع الحالي، بما يشير إلى وجود عمليات مضاربة كبيرة في الأسواق وليس لوجود ارتفاع طبيعي للطلب على المعدن.
والملاحظ أن المضاربات الكبيرة التي حدثت حول النيكل كانت سببًا في إقرار بورصة لندن لقاعدة بعدم تخطي الصعود أو الهبوط لمعدن واحد يوميا 15% لتفادي عمليات المضاربة. ولكن يبقى السؤال عن سبب هذه المضاربات على النيكل وأهميته الكبيرة.
وتشير وكالة "بلومبرغ" إلى أن أحد أهم أسباب الارتفاع "الجنوني" في سعر النيكل هو قيام الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية بزيادة الطلب عليه إلى مستويات قياسية.
وتتحرك شركات السيارات الكهربائية للشراء مدفوعة بقفزة بنسبة 62% في مبيعاتها خلال النصف الثاني من عام 2021، لتصل إلى 5.84 مليون سيارة، بما يدفعها لزيادة الطلب على المعدن الذي يجعل إنتاج سياراتها ممكنًا.
كما أن معدنا مثل النيكل كان يعاني، وفقا لـ “وول ستريت جورنال"، من فجوة بين العرض والطلب تقدر بـ 6% بالفعل قبل بدء الحرب الأوكرانية، بما يجعل تأثيرها عليه مُضاعَفًا.
لأهمية النيكل الكبيرة يلاحظ أن العديد من الشركات أبرمت تعاقدات طويلة المدى للحصول عليه، ولعل أبرزها ما كشفت عنه وكالة "بلومبرغ" بإبرام شركة "تسلا" لاتفاقات وصفتها بـ “السرية" للحصول على النيكل من كندا.
ونجحت "تسلا" بذلك في تلافي التقلبات الكبيرة التي حدثت في النيكل مع الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث أبرمت الشركة تلك الاتفاقات في نهاية عام 2021 مع شركة التعدين العملاقة "فيل" وتتضمن توريد النيكل من كندا.