شركات العالم تتنافس على توفير الإنترنت من الفضاء... أمازون تتقدم وتوفر حلولًا للتحديات
قد تكون فكرة توفير الإنترنت للعالم أجمع عبر الأقمار الاصطناعية ليست بالفكرة الجديدة، فنحن نسمع عنها منذ أكثر من 10 سنوات دون حدوث تطورات هامة أو "ثورية" في هذا الصدد.
لكن الجمود والبطء اللذان أحاطا بهذه التكنولوجيا باتا يذوبان شيئًا فشيئًا، إذ دخلت في الآونة الأخيرة شركات عملاقة مثل "أمازون" على خط المنافسة بقوة، وباتت شركات الإنترنت التقليدي والاتصالات تعد أيامها المتبقية وتستشعر الخطر بجدية هذه المرة.
أمازون... العملاق الذي قد يغير المعادلة:
حققت شركة "أمازون" تقدماً كبيراً في طريقها ضمن "مشروع كويبر" الذي سينافس "ستارلينك"، من سبيس إكس التابعة لـ "إيلون ماسك". وكلا المشروعان يهدفان إلى توفير خدمة الإنترنت السريع عبر كوكبة من الأقمار الاصطناعية المتطورة.
وقد عهدت أمازون إلى ثلاث شركات للصناعات الفضائية مهمة إطلاق هذه الأقمار ضمن المشروع البالغة موازنته أكثر من عشرة مليارات دولار، معلنةً أن هدفها الأساسي هو "توفير خدمة الإنترنت بتقنية النطاق العريض لمجموعة واسعة من الزبائن، من بينهم أولئك الذين يعملون في أماكن لا يتوافر فيها اتصال إنترنت يعوّل عليه".
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة "أريان سبايس" أن "الحلول القائمة على الأقمار الاصطناعية مكمّل لا غنى عنه للألياف". منوهًا أنه ثمة حالات تكون فيها تكلفة الألياف باهظة جداً مقارنة بالخدمة القائمة على الأقمار الاصطناعية، خصوصاً عند الحاجة إلى توفير الخدمة لسكان منطقة نائية مثلًا.
ما الفرق بين مشروع أمازون ومشاريع الإنترنت الفضائي الموجودة مسبقًا؟
نعرف جميعًا، أن الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية موجود أصلاً، عبر شركات مثل HughesNet و ViaSat في الولايات المتحدة، بينما في أوروبا تستخدم الشركة الفرعية Orange Nordnet قوة القمر الاصطناعي Eutelsat Konnect، من بين تقنيات أخرى، لتوفير النطاق العريض لعملائها.
لكن الخدمات التي توفها هذه الشركات لها تكاليفها المعتبرة أيضًا، حيث تبدأ أسعار المستهلك من 60 يورو أو 70 دولاراً شهرياً، بدون احتساب الجهاز الطرفي والهوائي، وتزداد بحسب النطاق الترددي المطلوب.
أما العيب الآخر فهو أن هذه الخدمات تمر عبر أقمار موجودة في مدار ثابت بالنسبة للأرض، على ارتفاع يزيد على 35 ألف كيلومتر؛ ومع أنها يحتمل أن توفر سرعات أعلى بثلاث إلى خمس مرات من سرعات خط الـ ADSL، إلا أن وجودها على هذه المسافة يعني أنها لا تستطيع الوصول إلى أداء الألياف، ويشكل التأخير بين الطلب وتنفيذ الأمر عائقاً لها.
لهذا السبب، لا توصي شركة HughesNet هواة الألعاب الإلكترونية بمنتجاتها، وعمومًا لا يعتبر الإنترنت الفضائي التقليدي مصدرًا يوفر الشكل المثالي من الإنترنت.
في الاتجاه المقابل، فإن الأقمار الاصطناعية التي ستنشرها "أمازون" مستقبلاً ستكون كتلك التي تنشرها حالياً شركة "ستارلينك" التابعة لـ "سبايس إكس"، في مدار أرضي منخفض أي على علو نحو 600 كيلومتر فقط، مما سيحل مشاكل الإنترنت الفضائي التقليدية.
مخاطر الوصول إلى الإنترنت الفضائي المثالي:
يرى الخبراء أن وجود الأقمار قريباً من الأرض يجعل من الضروري إرسال الكثير منها إلى المدار، ومن هنا سيبلغ عدد تلك التابعة لـ "أمازون" أكثر من 3200، في مقابل آلاف لـ "ستارلينك"، من بينها 1500 تعمل حالياً.
وأطلقت شركة OneWeb البريطانية 428 من أصل 648 قمراً في كوكبتها، وأيضاً في مدار منخفض، وتعتزم البدء بتشغيل شبكة الإنترنت العالمية التابعة لها في نهاية 2022.
أما الصين فتخطط لنشر 13 ألف قمر اصطناعي على الأقل من طراز "غوانغ"، فيما دخلت أوروبا اللعبة باتفاق في شباط/فبراير لتطوير مجموعتها الخاصة من أقمار الاتصالات.
لذلك لكم أن تتخيلوا بأن السماء ستتحول إلى ساحة مكتظة بالأقمار الاصطناعية مع التطور السريع لهذه التقنية واحتدام المنافسة.
تأسيسًا على ذلك، يحذر الخبراء من أن الأقمار التي تدور في مدار منخفض هي أكثر عرضة للخطر مقارنةً مع المركبات الثابتة بالنسبة للأرض، وهو ما أظهره أخيراً تسبُب عاصفة جيومغناطيسية بتفكك نحو 40 قمراً اصطناعياً من كوكبة "ستارلينك" عند عودتها إلى الغلاف الجوي للأرض.
وبالتالي سيكون من الضروري استبدالها باستمرار، وهذا ليس خبراً سيئاً للشركات التي تتولى عمليات الإطلاق، لكنه ليس بالخبر الجيد للذين يعولون على انقراض الإنترنت التقليدي مقابل إنترنت الأقمار الاصطناعية.