الصين تواجه الغرب بسلاحهم... فائض صخم من الدولارات تمتلكه ويحير العالم
تتراكم الفوائض التجارية غير المسبوقة والتدفقات القياسية في سوق السندات الصيني، مخلفة وراءها مخزوناً من الدولارات لم يسبق له مثيل.
وهكذا فقد تحولت تريليونات الدولارات المتجولة بين البنوك وأروقة النشاطات الاقتصادية المختلفة إلى حائط صد فولاذي أمام أي صدمات خارجية قد يتعرض لها الاقتصاد الصيني الضخم.
فباتت الصين تدافع عن نفسها بسلاح عدوها وهو الدولار، في أسلوب وصفه خبراء الاقتصاد بالعالم أنه "محير" فالمعادلة الاقتصادية بين الصين والغرب تفرض حاجة كل منهما للآخر، وأي سلاحٍ بيد أحدهما قد يرتد ليصيب الطرف الآخر.
فائض تجاري ضخم واحتياطي من الدولار ليس له مثيل:
أظهرت بيانات اقتصادية نُشرت في مارس/ آذار الماضي، أن الصين سجلت خلال فبراير/ شباط الأسبق فائضا تجاريا بقيمة 9. 115 مليار دولار؛ وهو ما يزيد على توقعات المحللين التي كانت 99.5 مليار دولار فقط.
وأشارت بيانات إدارة الجمارك الصينية إلى زيادة صادرات البلد بنسبة 16.3% سنويا في حين كانت التوقعات تشير إلى زيادتها بنسبة 15 % سنويا فقط.
وأظهرت بيانات صادرة عن بنك الشعب الصيني " البنك المركزي الصيني"، في الربع الأخير من 2021، أن احتياطيات النقد الأجنبي في الصين، وهي الأكبر في العالم، بلغت 3.218 تريليونات دولار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، مقابل 3.201 تريليونات دولار في نهاية سبتمبر/ أيلول.
ولا تبدو الفوائض الدولارية محصورة بين جدران بنك الشعب وإنما هناك أموال ضخمة يقدرها بنك "مورغان ستانلي" الأميركي بنحو تريليون دولار، عبارة عن ودائع مصرفية بالعملات الأجنبية.
الصين تتحول إلى مغناطيس للدولار:
تظهر أحدث البيانات التجارية الصينية، أن التدفقات الدولارية مرشحة للزيادة بشكل أكبر عن تقديرات البنك الأميركي، خصوصًا مع تنامي الصادرات الصيني بسرعة قياسية رغم كل المشاكل والعقبات، مما جعل الصين مغناطيس للدولار في العالم.
وخلصت حسابات أجرتها وكالة رويترز استناداً إلى بيانات الجمارك الصينية إلى أن فائض تجارة الصين مع الولايات المتحدة فقط بلغ 40.75 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي. بينما وصل في الأشهر العشرة الأولى من العام، إلى 320.67 مليار دولار، ما يزيد من مأزق واشنطن في كبح العجز التجاري لها أمام بكين التي تتعرض لقيود تجارية واقتصادية أميركية متزايدة.
وتوفر مئات مليارات الدولارات المتدفقة إلى الصين سنوياً، حماية مهمة ضد أي صدمات مستقبلية في الاقتصاد العالمي، كما تمنح الشركات الداخلية العملاقة حصانة من التصدع بسبب مشاكل الديون الكبيرة، وعلى رأسها مجموعة "إيفرغراند" العقارية.
وفي هذا الصدد، يقول "ألفين تان"، رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي في آسيا: "الدولارات تعني أنه مهما كانت التحديات الاقتصادية التي ستواجه الصين في المستقبل، فهناك خطر ضئيل فيما يتعلق بميزان المدفوعات أو مشكلة الديون الخارجية".
من يمتلك هذه الكميات المهولة من الدولار في الصين؟
قالت "بيكي ليو"، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي للصين في بنك "ستاندرد تشارترد" الأميركي، إن حيازات العملات الأجنبية المتزايدة مملوكة بشكل أساسي للقطاع الخاص في الصين، وليس القطاع العام، مضيفة أن الزيادة التدريجية للعملة الأجنبية في الأصول من قبل كيانات القطاع الخاص الصيني، ستساعد في تقليل تقلبات السوق.
ويُظهر تحليل أجراه "ستيفن جين"، الذي يدير "يوريزون إس إل جي كابيتال"، وهو صندوق تحوط وشركة استشارية تتخذ من لندن مقراً لها، أن معدل تشغيل الفائض التجاري الصيني يقترب من 600 مليار دولار سنوياً.
وكتب "جين" في مذكرة، وفق بلومبيرغ: "لقد تسبب الوباء في حدوث تشوهات ضخمة في العالم، أحدها يتمثل في الفائض التجاري الكبير للغاية في الصين"، مضيفا أن "كوفيد طويل الأمد" يجب أن يعني أن مثل هذا الفائض التجاري الممتلئ يجب أن يستغرق وقتاً حتى يتلاشى.