مسؤولو لبنان يناقضون بعضهم... حاكم المركزي ينفي الإفلاس فأين الحقيقة؟

رد حاكم مصرف ​لبنان​ "​رياض سلامة" على ادعاءات الإفلاس التي طرحها نائب رئيس الوزراء اللبناني،​ في بيان قال فيه إنّ "ما يتم تداوله بشأن إفلاس المصرف المركزي غير صحيح"، مشيراً إلى أنّ "المصرف يتابع عمله الموكل إليه".

وأكد "سلامة" على أنه "بالرغم من الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان، والتي هي قيد المعالجة في خطة التعافي التي يتم إعدادها حالياً من جانب ​الحكومة اللبنانية،​ بالتعاون مع ​صندوق النقد الدولي​، فإن ​مصرف لبنان لا يزال​ يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف، وسوف يستمر في ذلك".

حدث ذلك بعدما أعلن نائب رئيس الوزراء اللبناني "سعادة الشامي" مساء الأحد الماضي، أن الدولة ومصرف لبنان مفلسان؛ وأن الخسائر الناتجة عن عملية الإفلاس تلك ستوزع على الدولة ومصرف لبنان (البنك المركزي) والمصارف والمودعين.

وكانت هذه أول مرة يتحدث فيها مسؤول لبناني رفيع المستوى مباشرة وبهذا الوضوح عن إفلاس الدولة ومؤسساتها المالية ومنها البنك المركزي

وفي خضم هذا التضارب والتخبط يمر لبنان بثالث عام من الانهيار المالي الناجم عن عقود من الفساد والسياسات السيئة التي أدت إلى فقد العملة أكثر من 90%، من قيمتها، كما منعت البنوك معظم المدخرين من الوصول إلى حسابات بالعملات الصعبة.

وكانت قد قدرت مسودة خطة حكومية للإنقاذ المالي في وقت سابق هذا العام وجود فجوة بحوالي 70 مليار دولار في القطاع المالي.

هل لبنان مفلس فعلًا أم لا؟

بغض النظر عن تصريحات المسؤولين فإن لبنان بالنسبة للخبراء قد دخل بالفعل مرحلة الانهيار على مستوى كل القطاعات خاصة المالية.

ولا خلاف أن البنوك صادرت أموال المودعين منذ نحو عامين حيث تفرض قيوداً شديدة على عمليات السحب النقدي خاصة بالدولار، وتضع سقوفا قاسية على السحب بالعملة المحلية الليرة. وأن البلاد دخلت متاهة الفقر المدقع والبطالة وانهيار الخدمات وهروب الأموال والاستثمارات الأجنبية، وتعرضت قطاعات حيوية للشلل وفي مقدمتها السياحة والاستثمارات المباشرة.

ولا ينكر أحد أن لبنان قد شهد عمليات تهريب واسعة للأموال إلى الخارج من قبل النخب الحاكمة الفاسدة، كما شهدت الليرة انهيارا مدويا حيث فقدت أكثر من 90% من قيمتها.

كل ذلك لا يقدم لنا أي جديد، لكن الجديد في كلام نائب رئيس الوزراء اللبناني هو حديثه المباشر عن إفلاس الدولة والبنك المركزي، وأنه سيتم تحميل المودعين جزءا من الخسائر الناتجة عن حالة الإفلاس تلك وذلك في إطار خطة تقاسم الخسائر، وهو ما سيخلق مناخا من عدم الثقة من قبل المدخرين تجاه القطاع المصرفي، ليس في لبنان وحدها بل في دول محيطة.

صحيح أن البعض يحاول أن يضع تصريحات الشامي في أجواء تسخين الانتخابات الجارية، وتحميل الحكومات السابقة مسؤولية إفلاس الدولة ومصرف لبنان، ويربطها ببدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يساعد ولو مؤقتا في وقف تهاوي الأوضاع المالية والاقتصادية.

لكن التصريحات خطيرة، وتثير أكثر، فزع المودعين الذين لا يعرفون أي السيناريوهات ستطبقها الدولة عند التعامل مع مدخراتهم، هل ستصادر جزءا منها وليكن 30% أو 40% وربما أكثر.