الذهب سلعة كاسدة في روسيا... شركات ضخمة لا تجد من يشتري منها بسبب العقوبات
تعاني صناعة الذهب الضخمة في روسيا أثناء بحثها عن طريق جديد لتصريف إنتاجها، محاولةً استكشاف الخيارات المتاحة عبر زيادة الصادرات إلى الصين أو الشرق الأوسط، بينما تخنق العقوبات طرق مبيعاتها التقليدية.
يحدث ذلك، في الوقت الذي يواجه فيه الروس، وهم ثاني أكبر منتج للذهب في العالم، رفضًا واستبعادًا من جانب الأسواق الأوروبية والأميركية إلى حدٍ كبير، بسبب الحظر المفروض على الذهب الروسي المنتج حديثاً، فيما ترفض بعض المصافي إعادة صهر السبائك القديمة حتى.
وجرت العادة سابقًا أن تبيع شركات التعدين الروسية إنتاجها إلى عدد قليل من البنوك المحلية المملوكة للحكومة مثل VTB Bank PJSC وBank Otkritie، والتي تقوم بعد ذلك بتصدير المعدن، أو بيعه إلى البنك المركزي الروسي، الذي كان أكبر مشتري سيادي عالمي في السنوات الأخيرة.
لكن العقوبات الأخيرة تعني أن البيع لتلك البنوك لم يعد خياراً الآن، فلا إمكانية للتصدير. وعلى الرغم من أن بنك روسيا قال إنه سيبدأ في شراء الذهب مرة أخرى بعد توقف دام عامين، لكن من المستبعد أن يشتري بالقدر الذي كان عليه في السابق.
وتنتج روسيا سنوياً كمية تقارب 340 طناً من الذهب، تبلغ قيمتها حوالي 20 مليار دولار، وتمثل 9.5% من الإنتاج العالمي من المعدن الأصفر. ومع هذا الحجم الضخم، فلا يوجد العديد من البنوك غير الخاضعة للعقوبات التي يمكنها التعامل بواقعية مع مثل هذا الإنتاج.
كل تلك المشاكل تأتي على الرغم من الدعم الحكومي السخي على المستوى القانوني، حيث منحت روسيا قبل عامين تراخيص تصدير عامة لشركات التعدين والتي تسمح لهم بالتصدير مباشرة، إلا أن القليل من الشركات لجأ إلى هذه الرخصة مع تفضيل الاعتماد على البنية التحتية للبنوك المحلية.
الإمارات العربية والصين...اتجاهات جديدة للذهب الروسي الكاسد:
قد يتغير توجه الروس قريبًا مع تنامي الأزمة، حيث تناقش شركات التعدين هناك بجدية مسألة التصدير المباشر، ويستكشف كل من المنتجين والمقرضين بيع الإنتاج في آسيا والشرق الأوسط، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ".
من جانبه، قال متحدث من شركة "بوليميتال إنترناشونال"، إن الشركة تدرس خيارات التصدير المباشر إلى الإمارات العربية المتحدة والصين.
ومع تعهد المركزي الروسي العودة لشراء الذهب، والذي توقف خلال جائحة كورونا في عام 2020، فقد يساعد ذلك على امتصاص بعض المعروض الذي لا يمكن تصديره.
بدورها، ترى الخبيرة الاقتصادية "ناتاليا أورلوفا"، أن الإيرادات الجيدة في الميزانية الروسية يمكنها إنقاذ الموقف، عبر حفظ تلك الأموال من خلال شراء الذهب.
وحدد البنك المركزي الروسي سعراً ثابتاً عند 5000 روبل للغرام، أي ما يقرب من 1880 دولاراً للأونصة بسعر الصرف الحالي وهو أقل من الأسعار الدولية، وفقاً لمسؤولين مقربين من البنك المركزي، والذين أشاروا إلى أن هذه الخطوة تم تصميمها لدعم مبيعات شركات تعدين الذهب بسبب صعوبة التصدير، في الوقت الذي لن يتمكن السوق المحلي من استيعاب هذه الكميات من الإنتاج.
أسواق التجزئة:
يرى متحدث باسم شركة بوليميتال، أن هناك زيادة كبيرة في الطلب على الذهب في سوق التجزئة المحلي، والمدعوم من إلغاء الحكومة لضريبة القيمة المضافة على مثل هذه المشتريات - وهي خطوة تمت مناقشتها منذ فترة طويلة - في أعقاب تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وأكد أن البنوك مستعدة لدفع ثمن الذهب وفقاً للسعر القياسي الدولي، وليس 5000 روبل للغرام.
وعلى الرغم من أن أسعار الذهب لا تميل إلى التفاعل مع أساسيات العرض والطلب بالطريقة نفسها تماماً مثل السلع الأخرى كالمعادن الأساسية أو الطاقة أو الحاصلات الزراعية، فإن احتمال انخفاض الصادرات الروسية من شأنه أن يخفض الإمدادات العالمية.
وقال المحلل المخضرم "سوكي كوبر" تعليقًا على ذلك: "سوق الذهب عادة ما يكون فيه فائض، وإذا نما الطلب في روسيا، ولم يتم إعادة إدخال إنتاجها من المناجم إلى السوق الدولية وانتهى فائض العرض بواسطة صناديق الاستثمار المتداولة، فقد يكون سوق الذهب أقرب إلى التوازن لأول مرة منذ عام 2015."