اصطياد الضباب... مشروع مغربي مذهل يؤمن المياه ل 16 قرية تحت وطأة الجفاف
تمكنت جمعية "دار سي حماد" في المغرب، بمساعدة شريكها الألماني " Water-Foundation" من تحويل الضباب إلى مورد يوفّر المياه، ونتج عن ذلك أكبر منشأة لتجميع الضباب في العالم، وهي تتضمّن 1700 متر مربّع من الشّباك المُحتجِزة للرطوبة.
وبفضل هذه التقنية، توّفر الجمعية الآن، والتي تُعتبر واحدة من شركات الابتكارات العالمية في إكسبو 2020 دبي، مياه الشرب لـ 16 قرية في منطقة سلسلة جبال الأطلس الصغير جنوب غرب البلاد.
حازت هذه التقنية على اسم "حصاد الضباب" أو "تقنية صيد الضباب" بسبب آلية عملها المذهلة والمبتكرة. وعلى الرغم من أن المغرب ليست الوحيدة في هذا المجال، إلا أنها الأشهر والأكبر.
ما هي فكرة حصاد الضباب؟
ترتكز فكرة مشروع "حصاد الضباب " على استخراج الماء من الضباب في قمم الجبال عبر اعتراضه بشبكات مصممة لذلك، وتوفير "الكميات المحصودة" لسكان المناطق التي تعاني نقصا حادا في الماء بعد تجميعه ومعالجته.
عملت جمعية " دار سي حماد "، وهي منظمة مغربية غير حكومية، على هذا المشروع في منطقة سيدي إفني بجنوب المغرب منذ أكثر من 15 عامًا بشراكة مع مؤسسة ألمانية.
ويحقق هذا المشروع اليوم نجاحا باهراً، حيث تمكن من تغيير حياة 16 قرية إلى الأفضل، ونال جوائز عديدة أبرزها جائزة التشجيع للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية.
استوحى "عيسى الدرهم" رئيس جمعية "دار سي حماد" فكرة المشروع من خلال تجارب دولية في هذا المجال، وسعى إلى نقلها إلى منطقة أيت باعمران بجنوب المغرب التي ينحدر منها.
ويقول "الدرهم" إن أهم سبب لنجاح المشروع بالمنطقة هو "كثافة الضباب بسبب الضغط الجوي المرتفع والتيارات البحرية الباردة والحاجز الذي تشكله الجبال"، في منطقة معروفة بقلة التساقطات المطرية وبضبابها الكثيف الذي يمتد طيلة 143 يوما في السنة.
وبدأ "الدرهم" وفريقه الدراسات والتجارب اللازمة للمشروع منذ سنة 2006، وكانت النتيجة المبدئية حوالي 10.5 لتر من الماء الصالح للشرب لكل متر مربع من الشبكة التي تعترض الضباب على ارتفاع يصل الى 1225 متر عن سطح البحر في قمة جبل بوتمزكيدة، وقد شجعتهم هذه النتيجة على تطوير المشروع أكثر.
وقال "عبد المالك علاء الدين"، وهو مسؤول سابق في فريق المشروع، إن السكان “اعتبروا فكرة المشروع في البداية ضربا من الخيال، ولم يصدقوا أن الضباب الذي يغطي قمم الجبال بالمنطقة سيكون مصدرا مهما للماء ".
وأضاف أن " المشروع انطلق وفق دراسات دقيقة بمساعدة متخصصين ومستشارين مغاربة ودوليين، ولم يتحمس له الشركاء والسكان حتى لمسوا نتائجه التي غيرت واقعهم المعيش بشكل كبير “.
الحاجة أم الاختراع:
تعد الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، وتعتبر من بين البلدان التي تتوفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة، وفق بيانات رسمية لوزارة التجهيز والماء، وتقدر الموارد المائية في المغرب بـ 22 مليار متر مكعب في السنة.
وتقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب الوطني في السنة المتوسطة بـ 18 مليار متر مكعب، وتتراوح وفق السنوات من 5 مليارات متر مكعب إلى 50 مليار متر مكعب.
وتمثل المياه الجوفية حوالي 20% من الموارد المائية التي تتوفر في المملكة، ويبلغ حاليا مخزون المياه الجوفية القابلة للاستغلال 4.2 مليارات متر مكعب في السنة.
غير أن الجفاف أثر على هذه الموارد المائية، فقد وصل المخزون المائي للسدود مثلا حتى الثاني من مارس/آذار الجاري حوالي 5.3 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 32.8% كنسبة ملء إجمالي مقابل 49.6% سجلت في نفس التاريخ من السنة الماضية.