الاستثمار بالمجوهرات والأحجار الكريمة... مجال تجاري مربح للغاية قل من يتقن أسراره

لمئات السنين، كان جمع المجوهرات عبارة عن وسيلة للتسلية، ولم يكن ينظر لها كتجارة فعلية أو استثمار يستحق التفرغ له. لكن، ونظراً لأنه لا يوجد شيء بقيمة المجوهرات النادرة الثمينة، فإن جمعها يمكن أن يكون استثماراً سليماً إلى حد ما.

وأهم ما يميز المجوهرات أنها لا تخضع لقوانين ثابتة بالنسبة للسعر. ففي عام 2003، بيع سوار من تصميم "بيلبيرون"، والمرصع بأحجار الجمشت بمبلغ 28,680 دولاراً، وبيع السوار ذاته في عام 2011 بمبلغ 87,500 دولار. وفي عام 2012، بيع حجر زفير كشميري يزن 6.7 قيراط بمبلغ 206,500 دولار، بينما تم بيع حجر مماثل له في الحجم العام الماضي مقابل 550 ألف دولار.

كيف نقول عن قطعة مجوهرات أنها نادرة وتستحق الاستثمار؟

يمتلك "راسل فوغارتي"، الرئيس السابق لقسم المجوهرات في مزاد "كريستي" (Christie) في نيويورك، قائمة تحقق بسيطة لتحديد ما إذا كانت القطعة تستحق الاستثمار. إذ يجب أن تكون القطعة عتيقة وعالية الجودة، وفي حالة جيدة وجميلة، ومُوَقعة من الشركة المُصنعة.

ويقول فوغارتي: "إذا حددت كل هذه العوامل، فإن كل ما تشتريه ستزداد قيمته بمرور الوقت".

أما كون القطعة عتيقة، فهذا هو الجزء الأكثر أهمية في قائمة العوامل، لأنه يعني أن العرض محدود، في وقت يستمر الطلب في النمو. وتُعرف المجوهرات على أنها قديمة عندما يكون عمرها من 20 إلى 100 عام. (كلما طال عمر القطعة كلما كانت أعتق وأكثر قيمة).

إذا كنت تشتري مجوهرات معاصرة بغرض التركيز على الاستثمار، فإن الندرة أمر بالغ الأهمية، حيث ينتج العديد من صائغي المجوهرات اليوم قطعة واحدة بكميات كبيرة، والتي ستثبت بمرور الوقت أنها أقل قيمة من قطعة فريدة من نوعها، أو قطعة من بين قطع محدودة.

تتطلب القطع الموقعة، والتي تحمل ختم الصائغ، أسعاراً أعلى من تلك غير الموقعة بحوالي 25% إلى 30%، على حد قول الخبراء. ولكن لا يزال يمكنك إضافة القطع غير الموقعة إلى مجموعتك. (سيكون عقد ريفييرا الماسي العتيق غير الموقع جميلاً مثل عقد موقّع، ويمكنك الحصول عليه بسعر أقل).

هناك عامل آخر يجب مراعاته وهو مصدر هذه القطعة، لا سيما عندما يمتلك شخص مشهور قطعة ما، فحين تستطيع اصطياد قطعة مجوهرات امتلكها شخص مشهور، أو ملك سابق، أو شخصية تاريخية، حينها قد تحصل في صفقة واحدة على أرباح لن يحصل عليها تاجر عادي في عام كامل.

ويعد مصدر الأحجار الطبيعي، والملونة تحديداً، من الأمور الهامة. فلا ينبغي أن يحتوي لون الألماس على شوائب، ولكن تحديد المصادر يمكن أن يؤثر بشكل كبير على أسعار باقي الأحجار في مجموعتك، فأنت لن تكون قادرًا على امتلاك 100% من الأحجار النقية وغير المعالجة.

ماذا يفضل الناس حين يتعلق الأمر بالمجوهرات؟

يستحوذ الألماس على النصيب الأكبر في الاستثمارات، ويليه "الثلاثة الكبار" وهي: الزمرد والياقوت والزفِّير. وكان أعلى سعر تم دفعه مقابل الزمرد الزامبي هو 1.04 مليون دولار.

من النادر حقاً العثور على حجر كريم مثالي من أي نوع. لذا، طورت صناعة المجوهرات طرقاً لتحسين لون الأحجار التي هي دون المستوى المطلوب، وذلك لزيادة العدد المعروض في السوق.

وبالتالي، فإن أكثر الأحجار رواجاً والأغلى هي تلك غير المعالجة، بمعنى أنه لم يتم استخدام أي من الحرارة أو الزيت لتحسين اللون أو المظهر. ولكن حتى أفضل علامات المجوهرات تستخدم تلك المعالجة بشكل خفيف.

تعد ياقوتة "دم الحمام" البورمية هي الأكثر طلباً، والتي تتميز بلونها الأحمر الخالص دون إضافة ألوان أخرى مثل الأرجواني أو البني. وفي شهر نوفمبر الماضي، بيع زوج من الأقراط المصنوعة من الياقوت البورمي بلون "دم الحمام" مقابل 3.2 مليون دولار في دار "كريستي".

إن أحجار الزمرد الأكثر رواجاً هي تلك التي يكون مصدرها كولومبيا، أما بالنسبة إلى الزفِّير، فيكون مصدرها من كشمير.

ولكن لم هذه الأنواع تحديداً؟ يشتهر الزفِّير الكشميري بـ"لونه المخملي"، حسبما تقول "سارة ثوميير"، نائبة الرئيس الأولى ورئيسة المجوهرات للأمريكيتين في شركة "فيليبس للمزادات العلنية" (Phillips Auctioneers).

وتضيف سارة: "قد يكون من الممتع النظر إليها". ويمكن أن تساوي قيمة الزفِّير الكشميري عدة مئات أضعاف قيمة واحدة من منطقة جغرافية أخرى.

وتوضح: "قد يتشابه الحجران بصريا بالنسبة إلى الشخص العادي، ولكن أحدهما ستكون قيمته 5000 دولار والآخر بـ500 ألف دولار".

كيف يتم تحديد الأحجار الثمينة... هل الأمر متعلق بمزاج الناس فحسب؟

يجب إرفاق شهادات توثيق حديثة مع الأحجار الكريمة الثمينة. ولا بد لهذه الشهادات أن تكون حديثة، حيث إن الحجر قد يتضرر إذا تم ارتداؤه بشكل متكرر مقارنة بآخر مرة فُحص فيها. وبالإضافة إلى ذلك، تم تحسين التكنولوجيا في هذه المعامل أيضاً، ولذا يمكن تقييم أصل الحجر بشكل أكثر دقة في بعض الحالات.

عندما يتعلق الأمر بالألماس، فإنه يتم تسجيل أعداد الألماس الملون الفاخر كل عام، وذلك لأنه أكثر ندرة من الألماس عديم اللون. يأتي الألماس الملون الفاخر في أشكال عدة، لكن اللونين الأكثر طلباً هما الوردي والأزرق.

وفي عام 2007، بيع أحد هذه الأحجار في دار المزادات الدولية "سوذبي" في هونغ كونغ مقابل 1.3 مليون دولار للقيراط الواحد، بينما بيع آخر بمبلغ 4 ملايين دولار للقيراط في عام 2015. وفي وقت آخر، أقامت الدار نفسها مزاداً على ألماسة زرقاء عيار 15.1 قيراط تقدر قيمتها بأكثر من 48 مليون دولار.

أين يمكن الحصول على مجوهرات جديرة بالاستثمار؟

لا تحتاج إلى البحث فقط عن سوق السلع العتيقة أو دور المزادات للعثور على مجوهرات جديرة بالاستثمار. يعمل العديد من المصممين الرائعين اليوم والذين تتطلب قطعهم بالفعل أسعاراً عالية، ولديهم جامعون هواة لقطعهم. والأسماء الثلاثة التي تتصدر قائمة أفضل العلامات التجارية المعاصرة هي "جويل أرثر روزنتال" (Joel Arthur Rosenthal) و"هيميرل" (Hemmerle) و"تافين" (Taffin).

تتميز هذه القطع بالندرة والحرفية. ويصنع متجر المجوهرات "جويل أرثر روزنتال"، ومقره باريس، أقل من 40 قطعة على مدار السنة.

ويقول أحد الخبراء في هذا الصدد: "اشتريت زوجاً من الأقراط من (جويل أرثر روزنتال) منذ حوالي ست سنوات. وأتخيل أنني إذا بعته الآن فمن المحتمل أن أحصل على سبعة أو ثمانية أضعاف ما دفعته مقابله، لأن إنتاج هذا المتجر ضئيل، ويشبه الرسام الذي رسم 300 لوحة فقط في حياته".

تتميز دار المجوهرات الألمانية "هيميرل"، التي تستخدم تكنولوجيا الجيل الرابع، بجمالها المميز لاستخدامها أحجاراً كريمة عكسية ومواد أخرى غير متوقعة مثل الألمنيوم والبرونز والنحاس. وتتميز قطعها بأنها فريدة من نوعها. ويلاحظ إيفريت أن الدار "تضع أسعاراً باهظة".

تشتهر دار "تافين" (Taffin)، ومقرها مدينة نيويورك، والمملوكة للمصمم الفرنسي جيمس دي جيفنشي، بالمجوهرات النحتية التي تجمع بين الأحجار الكريمة ومواد غير عادية مثل المطاط والخشب والخزف. ويقول فوغارتي: "كل ما تفعله (تافين) هو عمل فني".

هناك العشرات من صانعي المجوهرات المذهلين في الوقت الحالي. يحب بعض هواة جمع قطعهم من دور المجوهرات التي تتميز بالأحجار الكريمة ذات التصميمات العصرية، مثل دار "باغات" (Bhagat) و"بوغوصيان" (Boghossia) و"صبا" (Sabba)، بالإضافة إلى دار "نيها داني" (Neha Dani) والمعروف عنها استخدامها للتيتانيوم مع الأحجار الكريمة.

تتميز مجموعة الدبابيس الاستثنائية على شكل الريش من تصميم دار "سيندي تشاو" (Cindy Chao) من مجموعة "بلاك ليبيل" بأنها مرصعة بكميات مذهلة من الأحجار الكريمة والألماس. كما إن تصميمات "فنغ جيه" (Feng.J) و"غلين سبيرو" (Glenn Spiro) و"إيمانويل تاربين" (Emmanuel Tarpin) وغيرهم، تعد قطعاً فنية أكثر من كونها مجرد مجوهرات.