نشتري الذهب أم الدولار؟ تعرف على أفضل أصل مالي للتحوط خلال الفترة القادمة
يقضي أحدنا السنين الطويلة من عمره في جمع بعض المدخرات المالية ليستند عليها وقت الشدة أو لتحقيق الاستقلال المالي عند التقاعد، ثم تأتي بعض الأزمات الاقتصادية التي تتسبب بالتضخم أو الكساد فتقضي على قيمة هذه الأموال.
في مثل هذه الظروف يفضل المستثمرون التحوط عبر تنويع محافظهم الاستثمارية بين عملات مستقرة وقوية كالدولار، وأصول ملاذ آمن كالذهب، وبعض أسهم الشركات العملاقة، وصناديق التحوط وما شابه. لكنك كشخص عادي قد لا تتوفر لديك كل هذه الخيارات، وقد لا يكون حجم سيولتك متاحًا لتقسيمها بين أكثر من أصل مالي.
وعند هذه النقطة يجد المرء نفسه أمامه طريقين للتحوط المالي؛ إما شراء الذهب أو الدولار. فعلى أي أساس يمكن اتخاذ القرار الصحيح، وما الأصل المالي الأفضل في الأيام والأشهر القادمة؟ الإجابة عن هذه الأسئلة فيما يلي:
بشكل عام... هل اللجوء إلى الذهب خيار سليم؟
يختلف في ذلك جموع المستثمرين والمحللين الماليين، إذ يرى البعض أن الذهب ما هو إلا وسيلة للتحصن ضد المخاطر في الأسواق، وكذلك ضد ارتفاع التضخم وعدم اليقين.
بشكل أساسي يرى هؤلاء أن الذهب يحفظ قيمة الأموال من التآكل فقط لكنه لا يصلح كأداة استثمارية لأنه لا يحقق عائدا مثل الأسهم مثلا التي تمنح توزيعات من أرباح الشركات، أو الأصول عالية المخاطرة كالعملات الرقمية التي تحقق نموًا سريعًا.
من أمثال هؤلاء، المستثمر الغني عن التعريف "وارن بافيت"، وهو أحد أغنى 5 أشخاص في العالم، والذي يرفض الاستثمار في الذهب لأنه لا يدر عائدا، ويفضل ضخ أمواله في أسهم الشركات، وانتظار تحقيقها عائدات قوية على المدى الطويل.
في المقابل يرى المعجبون بالمعدن النفيس فرصة من تحقيق ربح رأسمالي عن طريق الاستثمار طويل الأجل فيه، بمعنى شراء الذهب وتركه لفترة طويلة لحين ارتفاع أسعاره ومن ثم بيعه، لتحقيق الربح من فرق سعري الشراء والبيع.
الذهب يحافظ على الثروة عندما يواجه المستثمرون انخفاض قيمة الدولار الأمريكي وارتفاع التضخم. وتاريخيا، كان الذهب بمثابة وسيلة للتحوط ضد هذين السيناريوهين (لحظة ينتظرها المراهنون على ارتفاع الذهب لتحقيق المكاسب).
مع ارتفاع التضخم، ترتفع قيمة الذهب عادة، وعندما يدرك المستثمرون أن أموالهم تفقد قيمتها، سيبدؤون في وضع استثماراتهم في أحد الأصول التي حافظت تقليديا على قيمتها. فترة السبعينيات كانت مثالا رئيسيا على ارتفاع أسعار الذهب في خضم ارتفاع التضخم.
لذلك فالإجابة عن هذا السؤال تكون: اللجوء إلى الذهب خيار سليم على المدى البعيد، وفقط إذا كنت ترغب بالحفاظ على قيمة أموالك بدون توقع أرباح معتبرة، وبعد كل هذا لا بد من اختيار الوقت المناسب لشراء الذهب وإلا ستندم وتنتظر طويلًا.
في الوضع الحالي... هل نختار الذهب أم الدولار؟
يمكن الشرح والإطالة كثيرًا في هذه النقطة، لكننا سنختصر الأمر بنقطة واحدة: "القصة بأكملها متعلقة بقدرة الدولار على مواجهة التضخم".
وإذا كنتم تسألون: "هل نجح الدولار في مواجهة التضخم حتى الآن؟" فالجواب ببساطة: "لا، لكن ذلك لا يعني بأنه لن ينجح".
في الواقع إن قرار شراء الدولار أم الذهب متعلق بشكل كبير في قدرة الاقتصاد الأمريكي على مواجهة التضخم، وهنا ننتقل إلى النقطة التالية، وهي فيما إذا كان التضخم في أمريكا مستمرًا على المدى الطويل أم لا.
في هذا الصدد، يعتقد "جيمس بولسن"، كبير إستراتيجيي الاستثمار في مجموعة ليوثولد، وهي شركة أبحاث استثمارية أمريكية، أن المشكلة ليست دائمة، قائلا "أعتقد أن التضخم سيتراجع هنا في النصف الثاني من هذا العام".
وذكر أن "الرسالة الموحدة للأسواق المالية، من الأسهم إلى السندات إلى الدولار، هي أن التضخم مؤقت".
على مدى الأشهر الأربعة الماضية، نمت القوى العاملة في الولايات المتحدة أكثر بكثير من العام السابق، مما أدى إلى سوق عمل مضغوطة للغاية. وبيّن "بولسن" أن بهوت مخاوف الجائحة قد أعاد "المزيد من الداخلين الجدد إلى القوى العاملة"، مضيفا أن المورد الأكثر أهمية هو العمل لأن ذلك يساعد جميع مشاكل سلسلة التوريد الأخرى. وأعتقد أن هذا بدأ بالفعل في التحول".
في الاتجاه المقابل، يعتقد وزير الخزانة الأمريكي السابق "لورانس سامرز" أن التضخم سيزداد سوءا قبل أن يتحسن.
وقال "سامرز"، خلال مناقشة افتراضية استضافها النادي الاقتصادي في نيويورك: "أعتقد أن توقعات التضخم قاتمة للغاية، وأعتقد أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي مسؤول بقدر كبير عن هذا المنحنى".
وذكر "سامرز"، الذي خدم في إدارتي الرئيسين الأمريكيين السابقين "باراك أوباما" و "بيل كلينتون"، أن تأثير الصراع (الأوكراني) في المقام الأول، والعقوبات على نحو ثانوي، "ستمثل صدمة عرض منفرة يتجلى تأثيرها في ارتفاع أسعار النفط وارتفاع أسعار السلع بشكل عام، مما يذكرنا - على الأقل نوعيا - بعقد السبعينيات في القرن العشرين، في وقت لم نكن بحاجة ماسة إلى ذلك، نظرا لتهديدات التضخم".
وهنا نكون قد عرضنا أمامكم المعطيات والآراء التي طُرحت، ليكون القرار النهائي بشراء الذهب أو الدولار مرهونًا بقراركم الخاص والسيناريو الذي ترونه أكثر إقناعًا وواقعية.