يجنون أرباحهم بهدوء وبدون ضجة... دولٌ وأفراد مستفيدون من حرب أوكرانيا

صوت الخاسرين دائمًا ما يكون أعلى، ودائمًا ما يملأ نحيبهم وشكواهم الإعلام والصحف، لكن النظر إلى هذا الاتجاه فقط لن يعطينا الصورة الكاملة، ولن يُظهر الحقيقة كما هي.

وما حدث في حرب أوكرانيا ليس استثناءً، فعلى الرغم من أن الأمر يبدو وكأن العالم بأجمعه يعاني ويغرق اقتصاديًا إلا أن معسكر الرابحين موجود وبقوة، لكنهم يجنون أرباحهم بهدوء وبدون ضجة.

أولًا: دول الخليج والدول النفطية عمومًا

وفقا لتقديرات بنك (HSBC)، فكل زيادة في سعر النفط بمقدار 10 دولارات للبرميل، تضيف 65 مليار دولار إلى عائدات تصدير النفط لدول مجلس التعاون الخليجي.

ويشير موقع البنك الدولي إلى أن وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار يدفع إلى فائض في الميزانية والحسابات الجارية بقيمة 10% و15% على التوالي من إجمالي الناتج المحلي لدول المجلس.

وفي هذا الصدد، أشار السفير الأميركي "ديفيد ماك"، في حديث لوكالة "الجزيرة"، إلى أنه "وحتى الآن، عززت الأزمة الأوكرانية الروسية نفوذ كبار مصدري الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة."

وأضاف: "بل إنها كانت حدثا إيجابيا بالنسبة للعراق وليبيا، وهما بلدان مضطربان، لكن لديهما إمكانات كبيرة لزيادة الدخل من احتياطاتهما من النفط والغاز".

واتفق "عدنان مازاري"، نائب مدير منطقة الشرق الأوسط السابق بصندوق النقد الدولي، مع هذا الرأي، وفي حديث مع "الجزيرة" قال: "مما لا شك فيه أن الدول النفطية حققت وتحقق عائدات مالية ضخمة نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز بصورة كبيرة جدا مع اندلاع الحرب في أوكرانيا."

وأضاف: "على الرغم من انخفاض أسعار برميل النفط خلال الأيام الأخيرة ووصوله لأقل من 100 دولار، بسبب إغلاقات الصين على خلفية تفشي فيروس "كوفيد-19″ في بعض مناطقها، بعدما تخطى 130 دولارا قبل أسبوعين، فإن هذه الأسعار ترتفع كثيرا عما كانت عليه قبل اندلاع الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي".

إلا أن "مازاري" عاد وأكد أن "الحرب لا تعني أنباءً جيدة للدول المنتجة للطاقة في الشرق الأوسط فقط، حيث ستصل كذلك تبعات تأثر الاقتصاد العالمي السلبي بالحرب وغياب اليقين وانخفاض النمو على حجم الطلب على الطاقة في المدى المتوسط".

من جانبه، اعتبر "إدواردو سارافال"، الباحث في برنامج الطاقة والاقتصاد والأمن في مركز الأمن الأميركي الجديد، أن "هناك مؤشرات على أن الأزمة الحالية يمكن أن تؤدي إلى بعض التحالفات الجديدة، كما رأينا مع المناقشات حول تسعير النفط بين الصين والمملكة العربية السعودية دون الاعتماد على الدولار الأميركي، ولكن مثل هذه التغييرات واسعة النطاق تستغرق وقتا طويلا".

الدول النفطية مستفيد ظاهر فمن المستفيد الخفي؟

في الواقع، قد أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تكدس ثروات أباطرة النفط الصخري والغاز في الولايات المتحدة، للدرجة التي جعلت أحدهم يدخل قائمة أغنى 500 شخص في العالم لأول مرة.

وبلغ إجمالي ثروة صناع النفط والغاز الأميركيين 239 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات، بعد أن قفز بنحو 10% منذ غزو روسيا أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.

وقد تسببت الحرب في تذبذب أسواق كل شيء بداية من أسهم شركات الطيران إلى أسهم شركات التكنولوجيا، لكنها في المقابل، كانت بمثابة عامل إيجابي للعديد من الشركات التي تعمل في مجال إنتاج أو بيع أو نقل الوقود الأحفوري.

وفي هذه التطورات، تحسن ترتيب "هارولد هام"، الشريك المؤسس لعملاق النفط الصخري "كونتينينتال ريسورسيز" 28 مرتبة على مؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات، ليصل إلى المركز 93 بثروة قدرها 18.6 مليار دولار.

وكانت شركة تصدير الغاز الطبيعي المسال "فري بورت إل إن جي" إحدى الشركات الخاصة التي حققت أداءً جيداً بعدما قامت بشحن أول شحنة لها مؤخراً منذ سبتمبر/أيلول 2019. وتبلغ قيمة الشركة 9.7 مليارات دولار، وفقاً لسعر بيع حصة تبلغ 25% من أسهم الشركة لصالح شركة طاقة يابانية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

ودفع ذلك "مايكل سميث"، الذي يمتلك نحو 63% من أسهم الشركة، إلى المركز 409 في مؤشر بلومبيرغ بثروة تبلغ 6.2 مليارات دولار.

وتستعد شركة "سميث" ومقرها هيوستن للاستفادة من لجوء أوروبا، التي تحصل على 40% من احتياجات الغاز الطبيعي من روسيا، إلى الولايات المتحدة لشراء المزيد من الإمدادات.