المركزي السوري يموّل تجار الأزمة من حوالات المغتربين... لفتة خطيرة من دكتور بالاقتصاد

مع ارتفاع معدلات الحوالات الواردة إلى الأهالي في سوريا تزامنًا مع اقتراب شهر رمضان المبارك، أعاد مصرف سوريا المركزي التأكيد أنه لن يرفع سعر الحوالات – رغم ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية – مما فتح باب الجدال مجددًا بهذا الخصوص.

وفي معرض تعليقه على شأنٍ متعلق، أكد نائب عميد كلية الاقتصاد الدكتور "علي كنعان"، أنه لابد من تعويم سعر الصرف إلى جانب تعويم الأجور والرواتب والاستثمارات ومنح إجازات الاستيراد.

واعتبر "كنعان"، خلال حديثه لصحيفة "الوطن" المحلية، أن سعر الصرف الرسمي للحوالات 2500 ليرة يمثل تركز توزيع الدخل لمصلحة الأغنياء لأن المركزي يحصل على القطع الأجنبي الوارد عبر الحوالات بـ 2500 ليرة، ثم يمول بالسعر نفسه المستوردات التي ينفذها كبار التجار والمستوردين الذين يسعرون مستوردات في السوق المحلية بدولار يزيد عن 10 آلاف ليرة للدولار الواحد.

وأضاف: "إن الفارق الفعلي بين سعر الصرف الرسمي (2500) ليرة والسعر الذي تقوم عليه أسعار البضائع والسلع في السوق المحلية بحدود (10) آلاف ليرة يذهب إلى جيوب المستوردين والتجار (الأغنياء)، وهو ما يعزز حالة عدم العدالة في توزيع الدخل بين المواطنين".

وهكذا فإن المركزي السوري، يموّل فعليًا وبالمعنى الحرفي للكلمة، تجار الأزمة (ممن يسعون لأكبر ربح بأي ثمن) الذين يدعي محاربتهم وتهاجمهم الحكومة في كل تصريحٍ أو بيان.

ما الحل بالنسبة لـ "كنعان"؟

اعتبر نائب عميد كلية الاقتصاد أن تعويم سعر الصرف يحمل عدالةً ونفعاً أكثر. وأكد أنه يدعم هذا التوجه عالمياً الكثير من خبراء المال والنقد لأن مخاطر التعويم لا تختلف عن محاذير تحديد سعر الصرف. خاصةً أن الكثير من التقديرات تفيد بأن حجم الحوالات يصل لحدود 5 مليارات دولار سنوياً ويوازي إلى حد ما معدل المستوردات السنوي الذي تم تقييمه في عام 2018 بحدود 5 مليارات دولار مع تطور في الرقم قد يصل لحدود 8 مليارات دولار مؤخراً.

وتساءل لماذا لا يسمح للمستوردين بتمويل مستورداتهم من ودائعهم بالقطع الأجنبي المودعة خارج البلد؟ مبيناً أنه ليست هناك مخاطر على سعر الصرف عندما تكون المستوردات بالقطع الأجنبي تعادل أو تقترب من الصادرات.

ولفت إلى أن المصرف المركزي اعترف بأن حجم الحوالات الرسمي التي تصل عبر شركات الصرافة المرخص لها بالعمل يومياً بحدود 7 ملايين دولار، في حين يرتفع هذا الرقم مع احتساب الحوالات التي تصل بطرق غير رسمية حيث يقدر حجم هذه الحوالات ما بين 3-5 ملايين دولار يومياً.

وتوقع كنعان تضاعف حوالات السوريين خلال شهر رمضان المقبل، لأنه جرت العادة مضاعفة السوريين في الخارج لحوالاتهم خلال الشهر الكريم وإرسال الكثير منهم الزكاة والصدقات إلى المحتاجين بالداخل.

وبرأيه فإن هذا ما يعزز تعويم سعر الصرف لجذب هذه الحوالات للقنوات الرسمية، بدلاً من التوجه نحو القنوات والمنافذ غير الشرعية ودفع عمولات كبيرة للوسطاء والسماسرة وناقلي الأموال إضافة لمخاطر النصب والاحتيال التي قد ترافق عمليات تسليم الحوالات بالطرق غير الرسمية.

وعن حال الأسعار في حال تعويم سعر الصرف، فقد أكد أن الأسعار لن تتأثر لأنها حالياً مقومة على دولار لا يقل عن 10 آلاف ليرة واقترح أن تكون هناك لجنة مشتركة من المركزي ووزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية والتموين والجمارك لمراقبة تمويل المستوردات والقطع الأجنبي الذي يخصص لهذا الغرض.