إجراءات حكومية غامضة تتسبب باستبعاد العديد من المستوردين لصالح فئة معينة

احتكار فئة معينة لاستيراد العديد من المواد الأساسية إلى سوريا هو أمرٌ لا مناص من الاعتراف به، وهي مشكلة لا تطرح كثيرًا في أروقة السياسيين أو الاقتصاديين رغم خطورتها.

هذا الأمر جعل الأهالي في سوريا يعاينون ظواهرًا غريبة، كأن تكون بعض السلع المحلية أغلى من المستوردة، أو بعض المواد الغذائية الأساسية أغلى من كافة دول الجوار بل المنطقة.

في هذا الصدد، اعتبر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق "محمد الحلاق"، أن هناك جملة من الإجراءات الاقتصادية "غير واضحة وتسهم في تعطيل حركة النشاط الاقتصادي والتجارة واحتكار السوق المحلية من قبل القلة".

من هذه الإجراءات، التي تحدث عنها "الحلاق"، في تصريحاتٍ نقلتها صحيفة "الوطن"، هي تمويل المستوردات التي أدت إلى خروج العديد من المستوردين عن العمل لمصلحة نخبة معينة من المستوردين الذين لديهم "ملاءات مالية كبيرة".

وأشار إلى أن التاجر السوري كان يسدد 20-30 بالمئة من قيم البضائع التي يود توريدها إلى السوق المحلية ويحصل على مهلة لاستكمال تسديد مستورداته، وكل ذلك كان يقوم على الثقة والسمعة وحجم النشاط التجاري للمورد.

وبتابع "الحلاق" موضحًا أنه حالياً، ومع إلزام المستوردين بتسديد قيم مستورداتهم لشركات الصرافة بالليرة السورية حتى يسمح لهم بتخليص مستورداتهم من المرافئ وإدخالها، يضطر بعض المستوردين لتسديد قيم هذه المستوردات مرتين مرة لشركة الصرافة التي يتعامل معها ليحصل على إشعار بالتسديد بالليرة السورية يتمكن من خلاله من تخليص بضائعه في المرافئ، والمرة الثانية تسديد قيم هذه المستوردات سلفاً للشركة التي ورد منها بضائعه.

كل ذلك حتى يتمكن المستورد من شحن هذه البضائع وتسريع عملية نقلها ووصولها للسوق المحلية، على أن يستعيد ما سدده لهذه الشركة بعد أن تقوم شركة الصرافة بتحويل قيم المستوردات لها.

وهذه الإجراءات الطويلة، باتت تتطلب ملاءة مالية عالية، حتى يتمكن المستورد من تأمين السيولة اللازمة.

طرد العديد من المستوردين خارج النشاط التجاري... لمصلحة من؟

رأى "الحلاق" أن ذلك أسهم في إخراج العديد من المستوردين من النشاط التجاري، لمصلحة عدد محدد من المستوردين الذين تتوافر لديهم مثل هذه الملاءات المالية ومنها احتكار السوق من قبل القلة.

وبيّن أنه رغم كل التسهيلات التي تحدث عنها مصرف سورية المركزي في هذا الخصوص، مازال تخليص المستوردات وإدخالها يحتاج لوقت طويل ويحتم غرامات مالية بالقطع الأجنبي على المستوردين تصل لأكثر من ألف يورو لمصلحة شركات النقل والحاويات.

وذلك يساهم في المحصلة بزيادة التكاليف واستنزاف للقطع الأجنبي ورفع الأسعار في السوق المحلية لأن كل هذه التكاليف والنفقات الإضافية سيتم تحميلها على السلعة.

الأسعار الاسترشادية بدعة سورية:

عبّر "الحلاق" عن اعتقاده بأن الأسعار الاسترشادية هي "بدعة سورية وغير موجودة إلا لدينا"، وأنه في كل دول العالم يتم اعتماد البيانات والأسعار المفوترة التي تتأثر بحركة واتجاهات الأسعار العالمية.

وأضاف: "ربما يمثل التوجه لمثل هذه الإجراءات من أسعار استرشادية وغيرها دليلاً على عدم الثقة لدى القطاعات الحكومية بين بعضها وعدم الثقة بقطاع الأعمال وهو ما خلق في المحصلة عدم ثقة المواطن لدى العديد من هذه المؤسسات وإجراءاتها."

وقال: "مثال على ذلك فإن المالية رغم كل ما تحدثت به عن التعديلات في النظام الضريبي واطلاع وإشراك قطاع الأعمال معها ما زال ذلك يتم بشكل خجول ويتم إعلامهم بالنتائج التي توصلت لها اللجان المكلفة في إصلاح وتعديل النظام الضريبي، رغم أن التجار والصناعيين هم كبار المكلفين بالضرائب وعليه مازال عمل الإدارة الضريبية غير واضح وهو ما يزيد حالة القلق في التعامل والعلاقة بين المالية والمكلفين ويدفع الكثير من التجار والصناعيين لزيادة التحوط والإحجام عن التوسع في نشاطهم الاقتصادي."

واعتبر أن معظم التقديرات لقيم التكاليف المالية لا تستند إلى أسس ومعايير واضحة، وفي بعض الأحيان تستند قيم التكاليف إلى إفادات من بعض العاملين في المنشآت مثل السائقين والحراس وغيرهم من العاملين البعيدين عن حقيقة وتفاصيل النشاط الاقتصادي لصاحب المنشأة.