العرب أمام تحدٍ لتأمين القمح... السعودية ترفع سعر الشراء ولبنان يتلقى شحنة ومصر تترقب

تشير كافة المعطيات إلى أن دولًا عربية كثيرة تعتمد على استيراد القمح الروسي والأوكراني ستواجه تحديًا كبيرا لضمان إمداداتها بهذه المادة الحيوية، في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا والعقوبات الغربية الواسعة المفروضة على موسكو.

وحتى تتضح الصورة جيدًا، يكفي ذكر أن روسيا وأوكرانيا تمثلان وحدهما أكثر من 29% من إجمالي الصادرات العالمية للقمح و19% للذرة الشامية التي تعتبر بديلاً للقمح. أما بالنسبة للدول العربية فالعديد منها تعتمد بالكامل على القمح الروسي والأوكراني.

وهكذا وجدت البلدان العربية ألا مناص من إجراءات جدية وعاجلة، لمواجهة الارتفاع المضطرد في أسعار القمح والأزمة المحتملة في سلسلة التوريد.

الدول العربية في سباق مع الزمن لتأمين القمح:

بدايةً من السعودية، حيث أعلنت المؤسسة العامة للحبوب، المشتري الحكومي للقمح، يوم الأربعاء الماضي، أنها وافقت على زيادة سعر شراء القمح المحلي للموسم الحالي ليصل إلى 1700 ريال (453.14 دولار) للطن. وهي خطوة لاجتذاب كمية أكبر من واردات القمح.

وأوضحت المؤسسة، في بيان، أن هذه الزيادة تعتبر الثانية لهذا الموسم في ظل المراجعة الدورية التي تجريها لمتابعة تطورات الأسواق الدولية للقمح، وفقا لما أوردته وكالة "رويترز".

أما في العراق، فقد قرر مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء المنصرم، الموافقة على تسلم محصول القمح المحلي من المزارعين.

وذكر المجلس في بيان، أنه قرر الموافقة على تسلم محصول القمح المحلي بشكل كامل (داخل وخارج الخطة المقرة) للموسم الحالي حصراً، على أن يكون سعر شراء محصول القمح لهذا الموسم هو 750 ألف دينار (حوالي 515 دولارا) للطن الواحد.

كما قرر مجلس الوزراء العراقي إكمال دفع مستحقات للمزارعين للموسم السابق خلال 10 أيام، ودفع مستحقات المزارعين للموسم الحالي 2022 خلال موعد أقصاه 30 يونيو/حزيران المقبل.

ومن جانبه، قال وزير التجارة العراقي "علاء الجبوري"، إن الوزارة تبحث عروضًا تلقتها من شركات أمريكية وألمانية للتعاقد على شراء القمح، وذلك في إطار برنامج لتدبير مخزونات استراتيجية من القمح ودعم برنامج بطاقات التموين المحلي.

وفي لبنان، فقد ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن سفينة أوكرانية تحمل 11 ألف طنًا من القمح وصلت مرفأ طرابلس في شمال البلاد يوم الثلاثاء الفائت.

ونقلت الوكالة الرسمية عن مدير المرفأ "أحمد تامر" قوله إن "السفينة جولدن بيرد بدأت تفرغ حمولتها"، مضيفا أن سفينة قمح أوكرانية أخرى اسمها "برنسيس مريم" أفرغت حمولة تبلغ 7 آلاف طن من القمح في مرفأ طرابلس يوم 28 فبراير/شباط الماضي، ثم غادرت قبل وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأشار إلى أن "برنسيس مريم"، التي أبحرت من مرفأ ماريوبول الأوكراني، ستعود إلى طرابلس بشحنة قمح أخرى، دون أن يحدد موعدًا لعودتها.

ومن جانبه، أعلن وزير الاقتصاد اللبناني "أمين سلام"، أن احتياطي البلاد من القمح يكفي من 6 أسابيع إلى شهرين، وسط مخاوف من تأثر إمدادات القمح بسبب الأزمة الأوكرانية.

وفي يوم 25 فبراير/شباط الماضي، نقلت "رويترز" عن "سلام" قوله إن لبنان لديه احتياطيات قمح تكفي لشهر واحد على الأكثر ويسعى لإبرام اتفاقات استيراد من دول مختلفة وسط مخاوف في السوق بشأن الإمدادات جراء الأزمة الأوكرانية.

بالانتقال إلى مصر، فأزمة القمح هناك ذات أهمية خاصة، باعتبار أنها المستورد الأول للقمح عالميًا. لذا تترقب الحكومة، مع مستوردي القمح، محاولات لتأمين إمدادات القمح من مصادر أخرى غير روسيا وأوكرانيا.

وأفادت صحيفة "الدستور" المصرية، أن الأرجنتين تعد أحد الخيارات المطروحة أمام الاستيراد المصري بسعر 360-365 دولارا للطن، وارتفاع 60 دولارا للطن في أسبوع واحد.

وأعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء، السفير "نادر سعد"، أن شحنة قمح روسية سوف تصل بلاده خلال الشهر الجاري، مشيرا إلى إتمام التعاقد عليها قبل حرب أوكرانيا.

وأوضح "سعد"، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "على مسؤوليتي" المذاع عبر قناة "صدى البلد" المصرية، أن الدولة ستستخدم منافذ وزارة التموين ووزارة الداخلية وجهاز الخدمة الوطنية لزيادة المعروض من السلع ضمن آليات مواجهة ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة.

وقال "سعد" إن أزمة القمح الحالية "مؤقتة والأسعار ستعود كما كانت من قبل"، لافتا إلى أن أسعار السلع الاستراتيجية مرتبطة بالتقلبات العالمية التي تحدث في بعض الدول.

وأشار المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري إلى وجود مخزون من السلع الاستراتيجية يقترب من 6 أشهر، مضيفا: "لا يجب أن يقوم بعض التجار باستغلال الأزمة الحالية لتحقيق مكاسب على حساب المواطن".