الجنيه المصري يتصدر عملات الدول النامية المعرضة للتدهور... وليس آخرها

يقف الجنيه المصري حاليًا في موقفٍ لا يحسد عليه، إذ يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار السلع والأغذية، والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس، إلى الإضرار أكثر بالأوضاع المالية العامة المثقلة بالفعل في مصر.

وقد اعتبر البعض أن ما يحصل مؤخرًا هو أزمة واسعة النطاق ستمتد لتشمل العديد من العملات والاقتصادات النامية، خصوصًا بعد أن شاهدنا تفاعل الليرة التركية السلبي خلال الآونة الأخيرة، ناهيك عن الليرة السورية التي كسرت جمودها الطويل وعادت للتدهور من جديد.

انخفاض كبير متوقع في قيمة الجنيه:

يتوقع بنك الاستثمار الأميركي "جيه بي مورغان"، أن تضطر مصر لخفضٍ كبير في سعر صرف الجنيه على المدى القريب، خصوصًا أن الدولة قد تحتاج إلى مزيد من مساعدات صندوق النقد الدولي إذا استمر تفاقم ضغوط الأسواق المالية.

وأشار البنك، وفق ما نقلت وكالة "رويترز"، إلى أنّ العملة المصرية حالياً أعلى من قيمتها بأكثر من 15%.

وقدم البنك عدة سيناريوهات، أحدها دون خفض لقيمة العملة، وآخر مشابه لعامي 2014 و،2015 عندما سمحت السلطات للعملة بالهبوط بنحو 5%، وسيناريو ثالث تسمح فيه البلاد بتراجع أكبر كجزء من حزمة جديدة من صندوق النقد الدولي.

وقال "جيه بي مورغان": "ينتج عن تحليل السيناريوهات احتمالية مرجحة بخفض نسبته 8.5% عن السعر الحالي"، واضعاً السعر المستهدف للجنيه المصري عند 17.25 للدولار.

المستثمرون الأجانب يقلصون مراكزهم في مصر:

وفق ما أفادت وكالة "رويترز"، يوم الثلاثاء الماضي، فإنّ مستثمرين أجانب باعوا سندات خزانة مصرية بنحو 1.19 مليار دولار في 3 أيام فقط، إذ يسارع الأجانب إلى الخروج من الأسواق الناشئة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وعلى وقع الحرب الأوكرانية، تواجه مصر تكاليف أعلى بسبب احتياجها الشديد لاستيراد القمح، إضافة إلى فقدان عائدات السياحة من الزائرين الروس والأوكرانيين لمنتجعات البحر الأحمر شرقي البلاد.

وقال مصرفيون إنّ المستثمرين يقلصون مراكزهم في مصر منذ الغزو الذي بدأ في 24 فبراير/شباط الماضي، مما يعكس مخاوف من عجز كبير في الحساب الجاري والميزانية في مصر.

كل ذلك بدون التطرق إلى مخاطر احتمال قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) برفع أسعار الفائدة، مما يعزز قلق المستثمرين أن تتقلص قيمة حيازاتهم إذا اضطرت مصر إلى خفض عملتها.

الأسواق الناشئة أولى ضحايا الحرب:

يشعر مستثمرون كثر بالقلق من أن تكون الأسواق الناشئة أكثر عرضة للتأثر بأيّ صدمات ناجمة عن اضطراب التجارة مع روسيا، بما في ذلك الزيادة الناجمة في أسعار بعض السلع الأولية.

وكانت روسيا وأوكرانيا تمثلان وحدهما مصدر حوالي 80% من واردات مصر من القمح في 2021. وقد ألغت الهيئة العامة للسلع التموينية، التي تتولى شراء القمح للدولة، مناقصات دولية عدة في الأيام الماضية لشراء القمح بعدما رفعت الأزمة الأسعار.

ووفقاً لبيانات البنك المركزي، كان المستثمرون الأجانب يملكون أذون خزانة لآجال تصل إلى عام قيمتها 321.8 مليار جنيه (20.55 مليار دولار) حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالإضافة إلى مبلغ لم يتم الكشف عنه بآجال أطول.

وتظهر بيانات رسمية أنّ عجز المعاملات الجارية ارتفع إلى أربع مليارات دولار في الشهور الثلاثة الأولى فقط من العام المالي الجاري من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، مقابل 2.8 مليار دولار قبل عام بسبب كلفة الواردات المتزايدة.

وكان تقرير صادر عن البنك المركزي المصري في يناير/كانون الثاني الماضي، قد أظهر أنّ الدين الخارجي فقط بلغ 137.42 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2021.