4 دول عربية قد تفقد الخبز عن طاولة طعامها في حال احتدام الأمور أكثر في أوكرانيا

تحمل التطورات السلبية على الساحة الدولية حاليًا أخبارًا سيئة للعديد من الشعوب العربية. فقد يجد السودانيون والسوريون واليمنيون واللبنانيون بالأخص، ومواطنون من دول عربية أخرى عمومًا، صعوبة بتوفير الخبز على طاولة الطعام، كون روسيا وأوكرانيا أول موردي القمح بالنسبة لهم.

وقد طمأنت حكومات هذه الدول شعوبها، وأعلنت عن خطط وبدائل، لكن الواقع يشير إلى اتجاهٍ آخر، فالقمح الروسي لا يمكن استبداله بسهولة، ولو وجد بديل سيكون الطلب عليه من كافة دول العالم في أوجه، وستكون الأسعار أعلى. والخلاصة أن الأزمة قادمة بشكلٍ أو بآخر في حال استمرار وتأجج النزاع الروسي الأوكراني.

وحذّر معهد الشرق الأوسط للأبحاث من أنه إذا عطّلت الحرب إمدادات القمح للعالم العربي الذي يعتمد بشدة على الواردات لتوفير غذائه، قد تؤدي الأزمة إلى توترات وتداعيات جديدة، وعدم استقرار في دول عدة.

السودان أول المتضررين:

يبدو أن السودان الذي يعاني من تراجع في احتياطاته النقدية منذ توقف المساعدات الدولية ردًا على الانقلاب العسكري، في تشرين الأول/أكتوبر، سيكون أول المتضررين.

فعندما اندلعت الحرب، كان الرجل الثاني في السودان في زيارة لموسكو من أجل البحث في المبادلات التجارية مع روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم.

ولم ينسَ الجنرالات الذين يسيطرون على الحكم في السودان أن واحدًا منهم، وهو الرئيس السابق "عمر البشير"، قد عُزل في 2019، بعد احتجاجات أشعلها ارتفاع سعر الخبز 3 أضعاف.

اليمن ليست بوضع أفضل:

يتحسر الموظف في العاصمة اليمنية صنعاء "وليد صلاح" الذي يتأخر راتبه بانتظام، على تحوّل الخبز إلى سلعة فاخرة بالنسبة لملايين اليمنيين الذين يعانون من الجوع في بلد نخرته الحرب.

ويوضح في حديثه لوكالة أنباء عالمية أن "الناس حاليًا بالكاد يستطيعون توفير الغذاء الأساس، وأعتقد أن الحرب الروسية الأوكرانية ستلقي بظلالها على الشعب اليمني وستزيد الطين بلّه".

ويقول المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي الموجود في اليمن "ديفيد بيسلي": "كنّا نظن أننا وصلنا إلى القاع، لكن لا، الحال أسوأ، نحن نحصل على نصف طلباتنا من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، سيكون لهذه الحرب تأثير مأساوي".

ماذا عن سوريا ولبنان؟

بينما كانت سوريا مكتفية ذاتيًا من القمح حتى العام 2011، اضطُرت بعد سنوات من الحرب التي ساعدت فيها روسيا الحكومة عسكريًا، إلى شراء 1.5 مليون طن من القمح في العام 2021، معظمها من موسكو، وفقًا للموقع المتخصص "ذي سيريا ريبورت".

وتقول دمشق إنها تعمل الآن على توزيع المخزونات لاستخدامها على مدى شهرين.

أما في لبنان المجاور، حيث أدى انهيار النظام المصرفي إلى إفقار 80% من السكان، وانفجار مرفأ بيروت إلى تدمير صوامع القمح، فالمخزون أقل.

وقال ممثل مستوردي القمح في لبنان "أحمد حطيط" إن "لدينا 5 بواخر في البحر حاليًا محملة بالقمح، جميعها من أوكرانيا، والمخزون الحالي، بالإضافة إلى البواخر الخمس، يكفي لشهر ونصف الشهر".

وأضاف أن "لبنان يستورد بين 600 و650 ألف طن سنويًا، 80 % منها من أوكرانيا"، عبر بواخر تصل لبنان خلال 7 أيام.

أما البديل عن أوكرانيا فهو الولايات المتحدة، إلا أن الفرق يكمن في أن الشحنة تحتاج إلى 25 يومًا من الولايات المتحدة، لذا فإن لبنان قد يدخل في أزمة.

دول المغرب العربي:

في المغرب العربي، حيث يعتبر القمح أساسًا لصناعة الخبز أو الكسكس، قررت الحكومة المغربية زيادة مخصصات دعم الطحين إلى 350 مليون يورو، وعلّقت الرسوم الجمركية على استيراد القمح، لكن تونس غير قادرة على فعل ذلك.

ففي كانون الأول/ديسمبر، رفضت البواخر تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها، وفق ما ذكر الإعلام في تونس، حيث يتزايد الدين مع ذوبان احتياطات العملات الأجنبية.

وتستورد تونس 60% من القمح من أوكرانيا، وروسيا، ولديها مخزون يكفي حتى حزيران/يونيو، كما أكد عبد الحليم قاسمي من وزارة الزراعة.

في الجزائر، ثاني مستهلك للقمح في أفريقيا، وخامس مستورد للحبوب في العالم، يكفي المخزون 6 أشهر على الأقل.

هل مصر في مأمن؟

تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وثاني أكبر مستورد من روسيا، واشترت 3.5 مليون طن من القمح حتى منتصف كانون الثاني/يناير، وفقًا لشركة ”أس آند أس غلوبال“.

وحتى بعد أن بدأت القاهرة خلال السنوات الأخيرة، بشراء القمح من موردين آخرين، لا سيما من رومانيا، فقد استوردت في العام 2021، 50% من القمح من روسيا و30% من أوكرانيا.

وأكدت الحكومة أن لديها "مخزونًا إستراتيجيًا يكفي الدولة فترة تقرب من 9 أشهر" لتغذية 103 ملايين نسمة يتلقى 70% منهم 5 أرغفة خبز مدعومة.

لكنها أضافت: "لن نستطيع شراء القمح بالسعر الذي كنا نحصل عليه قبل الأزمة الروسية الأوكرانية"، خاصة أن أسعار القمح بلغت أعلى مستوى في شيكاغو منذ 14 عامًا، إذ وصلت إلى 344 يورو للطن.

وبعد خفض وزن الرغيف المدعوم، تفكر الحكومة الآن بزيادة سعره.

وفي العام 1977، فعل الرئيس "أنور السادات" ذلك، وعلى الفور اندلعت "انتفاضة الخبز"، ولم تتوقف حتى عاد السعر القديم.