تخلت عن الطمع فانهالت عليها المليارات... قصة نجاح شركة أثاث الفقراء إيكيا
في الماضي كان الأثاث الذي نعرفه حاليًا مقتصرًا على الطبقة المخملية من الناس، ولم يكن البقية يفكرون في شراء هكذا أمور على الإطلاق. لكن شركة واحدة استطاعت تغيير هذه المعادلة وقدمت الأثاث المنزلي والمكتبي للجميع بأسعار معقولة، حين اتخذت لنفسها مبدأ الربح القليل والبيع الوفير.
هذه الشركة التي ستصبح قصة نجاحها المثيرة محور حديثنا هي "إيكيا" وهي حاليًا علامة تجارية لها اسمها في عالم الأثاث، وقد توفي مؤسسها الذي بدأ حياته من بيع أعواد الثقاب قبل بضع سنوات، تاركًا وراءه قصة نجاح يستفيد منها الجميع ليعلمنا كيف يمكن للإنسان الفقير أن يبدأ حياته من الصفر ويصبح تاجرًا ورائد أعمال.
مؤسس إيكيا يبدأ حياته من تحت الصفر... ديون ورثها عن جده:
بدء "إينغفار كامبراد" حياته كرجل ريفي فقير في مزرعة بجنوب السويد، ولد في عام 1926 ونشأ في ظل ظروف اقتصادية صعبة وديون متراكمة من الجد الذي كان موطنه ألمانيا قبل هروبه من الديون هو أسرته واستقراره في دولة السويد.
ورغم أن "كامبراد" كان يعاني من صعوبات في التعلم ومشاكل في الدراسة، بالإضافة إلى تأخر في النطق والهجاء؛ إلا أنه كان عقلًا مدبرًا منذ الصغر وكان دائم التفكير والتدبير.
وتميز بامتلاك موهبة الادخار، إذ عكف منذ نعومه أظفاره على التجارة واشترى بالنقود التي قام بادخارها أعواد ثقاب وكان يقوم ببيعها مرة أخرى. في ذلك الوقت كان أقصى ما يفكر به أي طفل يحمل المال في عمره هو شراء بعض الحلوى!
ثم قام بالتفكير أكثر وأكثر في زيادة تجارته المتواضعة، فأضاف إلى تجارة أعواد الثقاب منتجات أخرى تباع بأسعار جيدة. حيث صنع بطاقات وأقلام وهدايا أعياد الميلاد ليوسع تجارته الصغيرة. واشترى لنفسه دراجة استخدمها في إيصال منتجاته إلى الجيران المحيطين به.
وهكذا صنع بطل قصتنا نفسه من الصفر، أو من تحت الصفر، وخطوةً تلو خطوة صارت لديه شركة متواضعة حملت اسم "إيكيا".
كلمة السر هي القناعة ومفتاح النجاح هو الابتكار... قصة نجاح شركة إيكيا:
بدأت الشركة في عام 1943 كشركة مبيعات عبر البريد في إحدى مناطق السويد، ولم تكن مختصةً بالأثاث بعد.
وبعد خمس سنوات فقط من الانطلاق انتقل مؤسس الشركة إلى بيع الأثاث، فكانت رؤيته واضحة وهي تقديم تصميم حديث وعصري بأقل قدر ممكن من المال، وسرعان ما أدى ذلك إلى تعارضه مع مورديه وصنع له العدو تلو الآخر من حيتان السوق.
جمع مؤسس الشركة أصحاب العقول النظيفة والمبدعين حوله، وفكروا في أسلوب فعال للمناطحة مع الكبار في السوق، فكانوا يدركون جيدًا أن الأسواق الرأسمالية تضعك أمام خيارين: إما أن تكون ذئبًا أو تأكلك الذئاب.
لم يكن لدى "كامبراد" وشركته المتواضعة فرصة في تحدي أسياد تجارة وصناعة الأثاث في السويد وأوروبا، لكنهم قرروا بدلًا من خوض المنافسة في الجبهة التجارية أن يخوضوها في جبهة أخرى.
وهكذا استمروا بالتفكير والتفكير، حتى تصادف ذات يوم أنهم قرروا نقل واحدة من قطع الأساس إلى استديو لتصويرها من أجل الإعلان، وكان المزعج بالأمر أنها أكبر من أن تدخل في سيارة عادية وأصغر من أن تكون بحاجة إلى سيارة نقل كاملة لحملها.
وفي هذه اللحظة التي كان ليتعامل معها بعضنا بالغضب أو ندب الحظ، وقف أحد موظفي الشركة قليلًا وقال "وجدتها"!
كانت الفكرة العبقرية التي انبثقت في ذهنه هي صنع أثاث قابل للطي والفك والتركيب، ومن هنا أتت فكرة الكراسي والطاولات القابلة للطي والموجودة في منزل كل واحد منا.
كان نمو الشركة ضعيفًا وبطيئًا، ولكنه ثابت يناسب فلسفة "كامبراد" المستقلة والمدروسة، ونُقل عن "كامبراد" قوله إنه يريد نموًا طويل الأمد لشركته، ولا تزال الشركة تتبع مبدأه ذلك حتى اليوم، تحت إشراف ابنيه.
وهكذا استمرت الشركة على قاعدة الربح القليل والبيع الوفير، فتخلت عن الطمع وبنت علاقات جيدة مع أكبر قدر ممكن من العملاء، ليس مع الأثرياء والنبلاء، لكن مع عملاء الطبقة المتوسطة والفقراء.
ثم وافت المني مؤسس الشركة "كامبراد" وثروته تقدر ب 77.4 مليار دولار، جمعها من عرق جبينه بكل معنى الكلمة، بدون أن يدخل شركته بالبورصة، أو يطلب قرضًا من أحد.
ما الأفكار الجديدة التي أدخلتها إيكيا إلى عالم الأثاث؟
- تستخدم إيكيا مواد منخفضة التكلفة للتصميمات الحديثة والأصلية.
- صناديق إيكيا غير مصممة لتناسب الأثاث بل الأثاث مصمم ليلائم الصناديق.
- تحدد إيكيا التكلفة الفعلية وفقًا للمسافة المقطوعة وحجم القطعة والكمية التي يتم شحنها.
- تصمم إيكيا أثاثًا للمنازل والشقق ذات الأبواب الضيقة أو السلالم المتعرجة.
الأثاث الكبير المُجمَّع مسبقًا غالبًا لا يتناسب مع الأبواب والسلالم الضيقة. وغالبًا ما يكون للمنازل والشقق القديمة مداخل ضيقة. وهذا ما انتبهت له إيكيا فصممت الأثاث بطريقة تتفادى بها هذه المشكلة.
أما في وقتنا الحاضر، فقد لجأت إيكيا إلى تقنية VR أو الواقع الافتراضي بواسطة محتوى الترفيه والألعاب؛ حيث تقوم بتشجيع العملاء على استخدام تقنية الواقع الافتراضي في تصميم غرفهم، ومن خلال هذه التقنية يُمكن للعميل ببساطة تصميم غرفته الشخصية وتغييرها بحرية كما يريد.