قوانين البيوع العقارية في سورية تصبح مصدر رزق للسماسرة على حساب الناس

لن يكون من المجدي إعادة النقاش في قانون البيوع العقارية وتبعاته من ضرائب وما شابه، خاصةً مع دخوله ساحة التنفيذ من بوابة "القرارات التي لا رجعة فيها" كما وصفت صحيفةٌ حكومية.

ولا يخفى عليكم أيضًا أن سبب تمسك الحكومة بهذا القانون وضربها بآراء الخبراء عرض الحائط، يعود إلى كونه أحد الموارد المهمّة لخزينة الدولة، والتي حقّقت عائدات كبيرة، وخفّفت من فاتورة التهرب الضريبي التي كانت هدفاً للقرارات المالية خلال الأشهر الماضية.

لكن التسليم للأمر الواقع لن يلغي حق الناس في الاعتراض والانتقاد، خصوصًا بعدما فتح هذا القانون الباب للسماسرة ومعقبي المعاملات على مصراعيه، وجعل حاجات الناس مصدرًا لمكاسبهم وجشعهم.

50 ألف ليرة لتمشية معاملة عن طريق سمسار:

تعترف صحيفة "البعث" التابعة للحكومة أن السماسرة استطاعوا فرض أسعارهم على الناس، فكل من يريد الحصول على القيمة الرائجة لعقاره عليه دفع 50 ألف ليرة سورية، أو أكثر لمعقب المعاملات، رغم أن التكاليف أقل من ذلك.

أما السبب وراء الأمر فهو ببساطة عدم توفر البنية التحتية والمقومات اللوجستية لإنجاز هذه المعاملة لدى مديريات المالية والمصالح العقارية؛ مما ساهم في تسهيل ابتزاز المواطن، ودفعه للجوء إلى المعقبين.

ولا ننسى الفساد والرشاوي التي تسري في المؤسسات الحكومية مسرى الدم في العروق. بالإضافة إلى أسباب أخرى خارجة عن إرادة الجميع، في مقدمتها غياب الكهرباء نتيجة أوقات التقنين الطويلة التي تستدعي العودة، أكثر من مرة، لمراجعة هذه المديريات والحصول على الأوراق المطلوبة. هذا عدا عن تكاليف النقل التي تزيد من معاناة الناس.

لماذا لا تكون مصلحة مشتركة للمواطن والحكومة؟

يتساءل البعض هنا، إذا كانت مصلحة الحكومة من قانون البيوع العقارية هي تحصيل الضرائب ورفد الخزينة، فلماذا لا تحسب حسابًا لراحة المواطن وهو يدفع الضريبة على الأقل؟!

فهل من الصعب بعد تحصيل عشرات إن لم نقلْ مئات الملايين تأمين المحروقات للمولدات، أو تركيب الطاقة البديلة لإنجاز المعاملات بكل سهولة؟ ... وهل ستبقى العدالة الضريبية في مفهوم وزارة المالية محصورة في الجباية فقط، دون الاهتمام بتحسين نوعية خدماتها ورعاية مصالح المواطن وحمايته من الاستغلال والابتزاز، بدلاً من وضعه مباشرة تحت سيطرة الفاسدين دون أي احترام لحقوقه كإنسان أولًا وكمواطن ثانيًا؟!