ما وراء كواليس التقدم الاقتصادي في أميركا... نظام وحشي قائم على الجشع
كتب الكثير من الخبراء والباحثين مقالات ودراسات طويلة في نقد النظام المالي العالمي الذي تقوده أمريكا، لكن الأكثر إيجازًا وبلاغتًا مما يمكن سماعه في هذا الصدد هو ما يصدر من المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، على مبدأ "شهد شاهدٌ من أهله".
وكان أحدث ما تم تداوله بخصوص هذا الموضوع هو تصريحات رئيس لجنة الميزانية بمجلس الشيوخ الأميركي "بيرني ساندرز"، التي هاجم فيها النظام الاقتصادي الأميركي، واصفاً إيّاه بأنّه "قائم على الجشع".
حيث قال “ساندرز”، في تغريدة كتبها، يوم أمسٍ السبت، استمراراً لمجموعة من التغريدات، خلال الأيام القليلة الماضية، إنّ الرؤساء التنفيذيين (CEOs) يكسبون الآن أكثر من 350 ضعفاً مما يحصل عليه الموظفون العاديون، داعياً إلى إنشاء "اقتصاد قائم على الاحتياجات البشرية وليس الجشع".
كما شدد على ضرورة إنشاء نظام "أكثر عقلانية وإنسانية من نظام يجلس فيه الملياردير على شاشة الكمبيوتر، ويجني الملايين بينما يعاني الناس من الجوع".
وأضاف “ساندرز”، في تغريداته على "تويتر"، أنّ الشعب الأميركي يريد أن تبدأ صناعات المال الوفير في دفع نصيبها العادل من الضرائب، مشيراً إلى أنّه "من السخف أن يمتلك شخصان ثروة أكثر من الـ 40% الأدنى دخلاً، كما أنّ الفجوة بين الأغنياء وباقي الشعب أوسع مما كانت عليه منذ 100 عام".
ثم وصف الاقتصاد الأميركي بأنّه "مزوّر"، حيث يمتلك 745 مليارديراً ثروة تفوق ثروة 60% من المواطنين الأقل دخلاً.
الوقت حان لمواجهة الطبقة المسيطرة:
أكد "ساندرز" أنّه حان الوقت لإعطاء الأولوية للعمال، حيث "لن يكون هناك تقدّم اجتماعي حقيقي في هذا البلد ما لم نمتلك الشجاعة لمواجهة وول ستريت، وشركات التأمين، وشركات الأدوية، وصناعة الوقود الأحفوري، وجميع قوى الجشع الأخرى".
وقال: "صفوني بالراديكالية، لكنني أعتقد أنّ الوظيفة يجب أن تنتشل العمال من براثن الفقر - وليس إبقاءهم فيها".
وأكد “ساندرز” أنّ الوقت حان لمواجهة جشع الطبقة المسيطرة، داعياً إلى الاستجابة إلى 71% من الأميركيين الذين أيّدوا فرض مزيد من ضرائب الدخل على الـ 2% الأعلى دخلاً، و65% أيّدوا فرضها على الشركات الكبرى.
وضرب “ساندرز” مثلاً على اقتصاد الجشع، بقرار شركة مثل (Exelan) برفع سعر دواء عام لعلاج ارتفاع ضغط الدم (lisinopril) إلى 550 دولاراً وبنسبة 536%، متسائلاً: "كم من الأميركيين يجب أن يموتوا ويعانوا قبل أن يمتلك الكونغرس الشجاعة لإنهاء هذا الجشع؟".
وأضاف نقلاً عن تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال"، أنّ شركات الأدوية رفعت أسعار 866 دواءً، بمتوسط 6.6% منذ أوائل العام الحالي.
وأكد “ساندرز” أنّ 83% من الشعب الأميركي يؤيدون تمكين الحكومة الفيدرالية من التفاوض مع شركات صناعة الأدوية لخفض أسعار الأدوية الموصوفة.
كما دعا للاستجابة إلى 64% من الأميركيين الذين أيّدوا خلق وظائف جيدة الأجر، من خلال الاستثمار في الطاقة النظيفة، والاستعداد لظواهر الطقس القاسية، داعياً الكونغرس إلى "الوقوف بجانب الشعب لا مصالح صناعة الوقود الأحفوري".
وقال “ساندرز” إنّ الحل بسيط لمواجهة اقتصاد الجشع، وذلك بالوقوف إلى جانب الطبقة العاملة لضمان إجازة عائلية مدفوعة الأجر، وتوسيع نطاق الرعاية الطبية، ومعالجة أزمة المناخ، وحق العمال في تشكيل النقابات، وحق الممرضات في عدم دفع ضرائب فدرالية أكبر من المليارديرات، مؤكداً أنه اختار الوقوف مع الطبقة العاملة، داعياً إلى "النضال من أجل الأسر العاملة".