أسواق العالم تستنفر على وقع حرب وشيكة في أوكرانيا... أزمةٌ سيصطلي بنارها الجميع

اجتاحت حالة من عدم اليقين كافة أنحاء العالم في ظل التهديد الروسي ضد أوكرانيا، حيث أغلقت بورصة وول ستريت على انخفاض حاد الجمعة للجلسة الثانية على التوالي، وصعدت أسعار النفط إلى مستويات تاريخية، واستجاب الذهب بارتفاعٍ سريع هو الآخر.

وبالتركيز على الذهب خصوصًا فقد ارتفعت أسعاره خلال تداولات الجمعة رغم ضغوط الدولار الأمريكي ومتابعة تداعيات بيانات التضخم على الأسواق، ونجح المعدن النفيس في تحقيق مكاسب هذا الأسبوع، فأغلقت الأونصة على سعر ‪1858.42 دولار.

ولم تسلم حتى كبرى شركات العالم، إذ هبطت أسهم أبل وأمازون وإنفيديا ومايكروسوفت وأثرت بشكل أكبر من أي قطاعات في تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500.

كل ذلك أتى بعد أن اعتبر البيت الأبيض، مساء يوم أمس الجمعة، أن الغزو الروسي لأوكرانيا أصبح وشيكا، وأنه سيبدأ على الأغلب بهجوم جوي.

وقالت واشنطن إن روسيا حشدت ما يكفي من القوات بالقرب من أوكرانيا للقيام بغزو واسع النطاق، وحثت جميع الأمريكيين على مغادرة هذا البلد في غضون 48 ساعة.

وقال "جيك سوليفان" مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض في إفادة صحفية إن هجوما روسيا قد يبدأ في "أي يوم الآن"، وسيبدأ على الأرجح بهجوم جوي، ومن الممكن القيام بعملية تقدم سريع صوب العاصمة كييف.

وأضاف "سوليفان" أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" قد أصدر أمرا قاطعا ببدء الغزو. وقال إنه يتوقع أن يسعى الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى الاتصال هاتفيا بنظيره الروسي قريبا بشأن الأزمة.

أزمة ستطال الجميع:

صعدت أوكرانيا إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب على مدار العقد الماضي، حيث كانت تهدف هذا العام إلى احتلال المرتبة الثالثة في القمح والمرتبة الرابعة في الذرة، على الرغم من أن الصراع الأخير مع روسيا قد غرس الخوف في الأسواق بشأن ما إذا كانت جهود التصدير الأوكرانية يمكن أن تنجح.

أما حاليًا، فيشكل الأمن الغذائي العالمي مصدر قلق كبير في حالة ما تعرضت الصادرات الأوكرانية للاضطراب، لأن الكثير من الحبوب موجهة إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الواردات.

وفي الآونة الأخيرة، توجه أكثر من 40% من شحنات الذرة والقمح السنوية لأوكرانيا إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا.

وقالت رئيسة RBC لاستراتيجية السلع العالمية "هيلما كروفت" لـ CNBC، "ما أعرفه هو أنه إذا عبرت تلك الدبابات الحدود  فإن النفط سيتجاوز 100 دولار للبرميل، وسنشعر بذلك بالتأكيد في سوق الغاز الأوروبية، وسنشعر به في سوق القمح، وسنشعر به عبر مجموعة متنوعة من الأسواق".

وأشارت "كروفت" إلى أن روسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم، وتمثل مع أوكرانيا ما يقرب من 29% من سوق تصدير القمح العالمي.

وأضافت: "نحن نعتقد أن الأمر يصبح مؤلمًا في أسعار الغذاء والطاقة، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التضخم في بيئة تضخمية بالفعل".

وقال "بيتر ماير"، رئيس قسم تحليل الحبوب في S&P Global Platts لصحيفة Washington Post، إن القلق على المدى القصير هو ما إذا كانت روسيا ستحاول فرض "سيطرة" على الاقتصاد الأوكراني من خلال حظر صادرات البحر الأسود، والأسئلة حول ما إذا كان المزارعون قد يتخلون عن حقولهم من أجل "القتال" شكوكًا حول محصول الذرة في أوكرانيا لعام 2022 والذي يجب زراعته في الأشهر القليلة المقبلة.

وأضاف بأنه قد يكون التأثير على المستهلكين العالميين أسوأ بكثير إذا سعى الروس إلى اتخاذ خطوات، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات، لتجميع إنتاجهم من القمح لضمان الأمن الغذائي خلال أي حرب محتملة.