مواد تنظيف رخيصة وضارة تلقى قبولًا في سوريا نتيجة ضعف قدرة الناس الشرائية

عند الاستدلال على أزمة اقتصادية في منطقة ما قد يكون الحديث عن مستوى الخدمات أو البطالة وتوافر فرص العمل، أو الأجور والقدرة الشرائية، لكن الدلالة الأكبر قد تكون في أمور أخرى أعمق من ذلك أبرزها تغير عادات المجتمع والتحول إلى نمط تقشفي ضار.

ومن هذا المنطلق نبدأ بالحديث عن قضية مواد التنظيف الرخيصة والضارة التي غزت الأسواق السورية وتقبلها الناس فقط لرخص أسعارها.

فاتورة المنظفات أمر يحسب حسابه في سوريا:

تقول الموظفة السورية "هنادي بدر" ذات الـ 32 عاماً، في حديثها لصحيفة "العربي الجديد": "باتت فاتورة المنظفات الشهرية تكلف مبلغاً لا يستهان به، فقارورة شامبو متوسطة الحجم ثمنها عشرة آلاف ليرة سورية، ومعجون الجلي بـ7 آلاف ليرة والسائل بحدود عشرة آلاف ليرة، والصابونة الواحدة متوسط سعرها ألف وخمسمائة ليرة (سعر صرف الدولار الواحد = نحو 3500 ليرة) والمنزل يحتاج إلى 6 قطع على الأقل".

وتابعت: "نحتاج مواد نظافة أخرى مثل الكلور ومسحوق غسيل الثياب، وبالتالي ليس لدينا خيار أخر، فإما أن نستغني عن جزء من النظافة أو نستبدل تلك المواد بمواد أرخص".

ثم أضافت: "أصبحت مواد التنظيف المصنعة شعبياً منتشرة بشكل كبير في المتاجر وعلى البسطات في الشوارع، وغالباً ما تجد من يشترون تلك المواد، خصوصاً من يستطيعون الحصول على ما يحتاجون إليه وإن بكميات قليلة، لاحتياجاتهم اليومية ليس أكثر، إذ إنّ دخل كثيرين يومي وغير منتظم".

من جانبه، قال "زياد الحاج"، في تعليقٍ على الأمر ذاته: "زوجتي تشتكي من سوء فاعلية المواد وتضطر لزيادة الكمية حتى تحصل على الفاعلية" معتبراً أنّ "المشكلة أنّ بعض تلك المواد سببت الحساسية للأطفال، ما اضطرنا لشراء أدوية لهم، بالرغم من ذلك كنا نغير المحل الذي نشتري منه تلك المواد ونبحث عن غيره، بالاعتماد على شهادة الجيران أو الأصدقاء، بأنّ هناك دكاناً أو شخصاً يبيع مواد تنظيف ذات نوعية جيدة".

مخاطر لا يجب الاستهانة بها:

حذر طبيب أمراض جلدية يعمل في دمشق، كانت قد التقت معه الصحيفة نفسها، من استخدام مواد التنظيف غير الخاضعة لمعايير التصنيع العلمية، قائلاً: "للأسف من يعمل في تصنيع تلك المواد غالباً لا يستند إلى معرفة علمية ولا يقدّر مخاطر التلاعب بنسب المواد المستخدمة في تصنيعها، فهي تحتوي ضمن مركباتها على مواد كيميائية خطرة منها مادة التكسابون وحمض السلفونيك الذي يعرف بالزفتة، إضافة إلى مركب قلوي يسمى القطرونة".

وأضاف: "كثير من الحالات تأتينا، خصوصاً السيدات، تكون مصابة بحساسية أو تسمم أو حروق جراء استخدام تلك المواد، وهناك حالات تتصاحب مع مشاكل في القصبة الهوائية، لكنّ انخفاض ثمن تلك المواد يدفع الناس الى استخدامها". ولفت إلى أنّ "من يعمل بتصنيع تلك المواد معرّض أيضاً إلى مخاطر كبيرة جراء استخدامه مواد كيميائية خطرة في غياب أي معايير للسلامة".

الجانب الآخر من الأمر:

المشكلة التي ترافق هذه الظاهرة ليست مجرد قيام الناس بشراء مواد تنظيف ضارة، بل إن الجانب الآخر الذي لم يتلفت له أحد من المسؤولين أو أصحاب القرار أن الناس وصلت لمرحلة من تردي الوضع المعيشي تعتبر فيها أمورًا مثل الصحة والسلامة بالدرجة الثانية.

ونرى ذلك في جوانب أخرى، مثل إقبال البعض على شراء اللحوم مجهولة المصدر، واستهتار أصحاب بعض المطاعم بأبسط مبادئ النظافة والصحة لتوفير بعض المال.

وطالما أن الوصول إلى "لقمة العيش" وأساسيات الحياة، ما يزال صعبًا وعسيرًا في البلد، سنشهد استمرارًا وتزايدًا لهذه الظواهر، كما يؤكد مراقبون.