أطباء سوريا يتهافتون على الهجرة... دول الخارج تغريهم للعمل وحكومتهم تفعل العكس
وصلت نسب الهجرة بين أصحاب التخصصات العلمية والمهنيين وأهل الخبرات في سوريا إلى نسب كبيرة مؤخرًا، وكان الأطباء على رأس القائمة.
كل ذلك دفع البعض إلى التخوف من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيجعل البلد تخسر كل فرد قادر على الإنتاج أو إضافة قيمة للمجتمع. وقد تحرك الأطباء – الذين يعتبرون الفئة الأكثر قابليةً للهجرة – لمطالبة الحكومة بالتصرف قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة.
في التفاصيل، فقد طالب أطباء وكوادر طبية برفع تعويضات جميع العاملين منهم في المشافي الحكومية وفي الاختصاصات المختلفة بنسبة 100 بالمائة، من أجل وقف النزيف البادي في صفوفهم بسبب هجرتهم إلى الخارج والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة.
وقد نقلت صحيفة "الوطن" المحلية عن "خليفة كسارة"، نقيب التمريض والمهن الطبية والصحية بفرع حلب، أن سورية تتربع راهناً على رأس قائمة أكبر بلد مصدر للشهادات الطبية.
وأضاف "كسارة": "على سبيل المثال، ومنذ بداية العام الجاري وحتى الـ 20 من الشهر الحالي، انتسب لدى نقابتنا 60 خريجاً من اختصاصات التمريض والأشعة والتعويضات السنية والتخدير والمعالجة الفيزيائية والتغذية وغيرهم. وكلهم من دون استثناء طلبوا وثيقة حسن سيرة وسلوك لكونها مطلوبة منهم في الدول التي سيهاجرون إليها في اليوم التالي، ما يعني أن جميع الزملاء على طريق الهجرة. وهو نزيف مؤسف ومخيف معاً للكوادر الطبية التي تحتاج إليها البلاد في نهضتها".
جهات خارجية عديدة مستعدة لاستقبال الأطباء السوريين وتشجيعهم:
أكد رئيس مجلس إدارة جمعية المشافي الخاصة بحلب الدكتور "عرفان جعلوك"، أن المؤسسات الطبية العراقية تدفع للممرض أو الممرضة السورية بين 600 إلى 1000 دولار، حيث تستقطب بغداد والناصرية والبصرة أعداداً لا بأس بها منهم في الأشهر الأخيرة.
وأضاف الدكتور "جعلوك": "سبقهم بفترة الفنيون مثل مساعدي الأشعة ومساعدي التخدير والعناية المشددة وفنيي المخبر وطفل الأنبوب والتمريض التخصصي كممرضات العمليات والعناية المشددة والحواضن، وهم على مستوى عالٍ من التدريب وتحتاج لهم المشافي السورية".
كل ذلك بدون التطرق إلى القابلات اللواتي تتراوح رواتبهن في الخارج بين 800 و1000 دولار شهرياً لذوي الخبرة، ما سيؤدي إلى نقص في الكوادر الفنية، وان لم يكن بشكل ملحوظ راهناً وخصوصاً في التمريض لأن بعض المحافظات لديها فائض في التمريض كما في الساحل، على حد تعبير الدكتور.
وأشار "جعلوك" إلى أن ليبيا دخلت أيضاً على خط استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في الآونة الأخيرة إضافة إلى دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وتحتاج إلى إتقان الإنكليزية بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية.
وحول نزيف الأطباء أشار إلى أن جديده استنزاف أطباء التوليد أخيراً وخصوصاً من الخريجين الجدد، إذ برزت الصومال كأهم الدول الجاذبة لهؤلاء إلى جانب ليبيا واليمن والعراق، حيث تجتذب أي شهادة طبية سورية برواتب تتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار شهرياً.
أما الاختصاصات النادرة مثل جراحي الصدرية وجراحي العظمية بمستويات معينة كجراحات العمود الفقري فرواتبها مفتوحة وتتراوح بين 10,000 إلى 30,000 دولار، ناهيك أن العراق استقطب أخيراً أعداداً لا بأس بها من اختصاصيي طفل الأنبوب.
ما الحل لوقف نزيف الأطباء السوريين؟
في معرض الحديث عن الحلول الواجب تنفيذها، بين رئيس مجلس إدارة جمعية المشافي الخاصة بحلب أنه على الحكومة "رفع تعويضات الأطباء والكوادر الطبية للعاملين في المشافي الحكومية بشكل مجزي، لتصل إلى 100 بالمئة للجميع، فهم يتعرضون للمخاطر وليسوا موظفين بأعمال إدارية وراء الطاولات في دوائر حكومية".
واقترح ردم الفجوة في رواتب الأطباء من ذوي الخدمة الطويلة مقارنة بزملائهم الجدد الذين يحصلون على ترفيعات ترفع من قيمة رواتبهم عن القدامى.
ودعا إلى إلغاء سقف الأجور والراتب التقاعدي للإفادة من خبرة الذين سقّفت رواتبهم منذ سنوات وما زالوا على رأس عملهم.