الفساد ينخر بعملية توزيع المحروقات في سوريا حتى العظم... كشف بيانات صادمة
الفساد الهائل في محطات الوقود وكل ما يتعلق بتوزيع المحروقات المدعومة هو أمرٌ ليس بجديد بالنسبة لأغلب السوريين، لكن الحديث حول هذه الظاهرة زاد بعد أنباء أن إحدى محطات الوقود باعت 166 ألف ليتر مازوت مخصص للتدفئة بشكل غير مشروع ما يعني حرمان أكثر من 3300 عائلة سورية من حصتها للتدفئة في هذا البرد القارس.
ذلك بدون التطرق إلى فيض الأخبار اليومية التي تنشرها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن ضبط عمليات نصب واحتيال وتلاعب بالعدادات في محطات الوقود وبيع المازوت المخصص للتدفئة بطريقة غير مشروعة.
محطات وقود بأعداد غير منطقية فما الهدف؟
في تقريرٍ نشرته صحيفة "المشهد" المحلية، سلطت الضوء على وجود أعداد كبيرة من محطات الوقود على الطرقات والأوتسترادات الدولية وفي مناطق لا تفصل بين المحطة والأخرى أكثر من 2 كم.
وقد انتعش في فترة ما قبل الحرب الطلب للحصول على رخصة محطة وقود بشكل ملحوظ، والسؤال هل هي مشروع رابح بطبيعته أم أن ما وراء الكواليس ليس كما أمامها؟
بحسب دليل وزارة النفط المنشور على موقعها الإلكتروني، فإن حصة محافظة صغيرة جغرافياً مثل طرطوس من عدد المحطات (173 محطة) وهي تزيد عن حصة محافظة حمص المترامية الأطراف (135) وعن حصة محافظة حماه (170) وكذلك اللاذقية (90) والسويداء (78) وتقترب من محافظة ريف دمشق (183 محطة).
وهنا يحق للناس التساؤل، هل يعقل هذا التوزيع وهل هو متناسب مع احتياجات توزيع وبيع المحروقات على مستوى المحافظات؟
الفساد على قدمٍ وساق:
ما يزيد مشروعية التساؤل الوارد أعلاه هو عدد الضبوط المنظمة بحق محطات المحروقات، فقبل أيام أعلنت وزارة النفط أنها ضبطت محطة وقود خاصة في منطقة المراح بريف دمشق باعت 166 ألف ليتر مازوت خارج البطاقة الإلكترونية وهو رقم كبير ويعني حرمان 3320 أسرة من حصتها وفق حصة التوزيع 50 لتراً لكل بطاقة.
وخلال الشهر الأول من العام الجاري أعلنت وزارة التجارة الداخلية عن عدد كبير من الضبوط بحق محطات وقود في عدة محافظات تنوعت مخالفاتها بين تلاعب بالعداد (وهي المخالفة اليومية الأكثر شيوعاً) وبيع المازوت خارج البطاقة الالكترونية بهدف الربح وحتى بيع الاحتياطي الإستراتيجي.
ففي حماه تم ضبط إحدى محطات الوقود ببيع مازوت صناعي بطريقة غير مشروعة بكمية تصل إلى 20 ألف ليتر، و800 لتر مازوت مخصص للتدفئة خارج البطاقة. وتم أيضاً ضبط ثلاث محطات باعت كمية 21,200 ليتر مازوت زراعي بطريقة غير مشروعة.
وفي نهاية شهر كانون الأول الماضي تم ضبط محطة وقود في درعا باعت كامل رصيد المحطة والبالغ 100 ألف ليتر من مادة المازوت ونحو 17 ألف ليتر من مادة البنزين بطريقة غير مشروعة فيما ضبطت محطة أخرى ببيع كمية 27,459 ليتر بنزين و10,000 ليتر مازوت بطريقة غير مشروعة.
وفي اللاذقية تم الكشف عن محطة محروقات تلاعبت بمقدار 3100 ليتر مازوت. فيما تم في حمص ضبط محطة في منطقة البريج باعت 40,000 ليتر مازوت و5000 ليتر بنزين من احتياطي المحطة بشكل غير مشروع واستبدلتها بالماء.
إذا كانت هذه البيانات هي مجرد ما تم كشفه والإعلان عنه، فماذا يمكن القول عن تلك المخالفات وعمليات الغش التي لم تكتشف؟
في الواقع، لا يقتنع الأهالي أن عمليات الغش واسعة النطاق والهائلة هذه هي قضايا فساد فردية، بل يؤكدون أن عددًا لا بأس به من كبار المسؤولين وأصحاب المناصب الحكومية قد تلطخت أيديهم بالفساد، وأنهم يخرجون "مثل الشعرة من العجين" عندما يتطلب الأمر.