ببساطة وبدون تعقيد... لهذا السبب تخشى أغلب الدول العربية من رفع الفائدة في أمريكا
تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح هذا الأسبوع، لتحديد مسار تشديد السياسة النقدية لأنها تتطلع إلى احتواء التضخم المرتفع في الولايات المتحدة، ويتوقع بعض المحللين رفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة أربع مرات في عام 2022 عن أدنى مستوياتها خلال حقبة الوباء.
ووفقا لتقرير جديد صادر عن حملة اليوبيل للديون في المملكة المتحدة، وهي ائتلاف من منظمات وجماعات محلية تدعو إلى إلغاء الديون غير القابلة للسداد للبلدان الأكثر فقرا، فإن خطوة كهذه قد تفاقم مشاكل الديون لدى الدول النامية.
وفي التقرير الذي نُشر أمس الأحد، أبرزت حملة ديون اليوبيل أن مدفوعات ديون البلدان النامية ارتفعت بنسبة 120% بين عامي 2010 و2021، وهي حاليا في أعلى مستوياتها منذ عام 2001، حسبما نقلت شبكة "سي إن بي سي".
الدول العربية أمام رفع الفائدة... بين مستفيدٍ وقلق:
يسأل البعض منكرًا ربط أخبار الاقتصاد الأمريكي بالشرق الأوسط: مالنا ومال قرارات الفيدرالي الأميركي المتعلقة بالسياسة النقدية... لماذا التشاؤم من أخبار لا تخصنا؟
الإجابة بسيطة، وهي أن لنا – كدول عربية - علاقة قوية بتحركات أسعار الفائدة على الدولار، فرفع السعر سيكون مفيداً لبعض الدول العربية النفطية التي تمتلك صناديق سيادية ضخمة وفوائض مالية ضخمة مستثمرة في البنوك الغربية، خاصة الأميركية.
وزيادة سعر الفائدة بنسبة 1% مثلاً ستدر مليارات الدولارات سنويا على خزائن دول الخليج مثلا التي لديها سيولة نقدية مودعة في البنوك تتجاوز 2.1 تريليون دولار، أي 2100 مليار دولار مملوكة للصناديق السيادية.
في المقابل، فإن زيادة سعر الفائدة هو قرار غير سار وسلبي لمعظم الدول العربية، خاصة تلك التي تقترض بكثافة من الخارج، سواء عبر طرح السندات الدولية كما هو الحال في مصر والعراق والأردن وتونس والمغرب والبحرين، أو عبر قروض مباشرة يتم الحصول عليها من مؤسسات دولية.
كما أنه قرار غير سار أيضا لبعض العملات العربية التي قد تواجه ضغوطا خلال الفترة المقبلة، مع تفاقم متحورات فيروس كورونا، وتراجع الإيرادات الدولارية، وزيادة أعباء القروض الخارجية.
وبالتالي فإن خطوة الفيدرالي الأميركي المتوقعة سترفع كلفة الاقتراض الخارجي والأعباء المستحقة عليه، وتزيد كلفة الاقتراض بالنسبة للأفراد والقطاع الخاص والمؤسسات التي تحصل على قروض دولارية من البنوك الخارجية.
ومع رفع البنوك سعر الفائدة على القروض الدولارية تنخفض الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي للأفراد، وترتفع كلفة الإنتاج، وهنا تنكمش الأسواق وتزيد البطالة، ويسارع المدخرون نحو إيداع أموالهم في البنوك للاستفادة من سعر الفائدة العالي، وهذا أمر مضر بالاقتصادات الوطنية، خاصة إذا صاحبه هروب المستثمرين الصناعيين نحو البنوك.
كما يؤدي ارتفاع قيمة الدولار إلى تراجع أسعار النفط والذهب والمعادن والسلع التي ترتبط قيمتها بالدولار، وزيادة كلفة الاستيراد وضعف تنافسية الصادرات، وهو أمر مضر أيضا لبعض الدول العربية، خاصة تلك التي تعتمد على الخارج في تلبية احتياجات أسواقها المحلية من السلع الغذائية وقطع الغيار والمواد الوسيطة.