تسعير السلع بالسوق السورية يتم بثلاثة أضعاف سعر الصرف الحالي... خبير يشرح السبب

حتى فترة قريبة، كان سعر صرف الدولار هو المتهم الأول مع كل موجة تضخم وغلاء تضرب السوق السورية، لكن استقرار سعر الصرف طوال الأشهر الماضية واستمرار وتيرة الغلاء بالارتفاع وضع إشارات استفهام جديدة في أذهان الناس.

ويبدو أن التأكيدات والتصريحات الحكومية المتكررة بعدم رفع الأسعار ومحاولة ضبطها لم تعد تقنع المواطن الذي يكتوي من لهيب غلاء الأسعار، وجولات دوريات حماية المستهلك لمحاولة ضبط الأسعار لم تعد تثمر أو تغني عن جوع.

تناول الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور "علي كنعان" هذا الموضوع، في لقاءٍ مع صحيفة "الوطن" المحلية، حيث لفت إلى أن تسعير البضائع المستوردة في السوق يتم بسعر يتجاوز سعر صرف المتداول حالياً بثلاثة أضعاف.

تقييد وخنق الأسواق هو ما يتسبب بالأزمة من حيث يجب أن يحلها:

رأى "كنعان" أن الحل الأمثل لضبط الأسعار هو السماح لجميع التجار باستيراد السلع وخاصة الغذائية منها والسماح لهم بتمويل مستورداتهم من حساباتهم الخارجية وإجراء المنافسة بين المستوردين الأمر الذي سيؤدي حتماً لانخفاض الأسعار، مبيناً أنه في حال عدم تقييد التجار بسعر معين وإعطائهم الحرية بالتسعير ستزداد المنافسة فيما بينهم وبالتالي ستنخفض الأسعار.

وشدد "كنعان" على ضرورة تشغيل الصناعة الوطنية التي تعتبر غير قادرة على العمل اليوم لأنها بحاجة للقروض، مشيراً إلى أن المصارف لا تقدم لها القروض لذا يقوم الصناعي بإغلاق منشأته، لافتاً إلى أن الحكومة قررت مساعدة الصناعيين وتقديم المساعدات اللوجستية والقروض لهم لكن لغاية اليوم لم يتم اتخاذ أي إجراء من قبلها بهذا الخصوص وحتى الآن لم تصدر أي تعليمات فعلية لدعم الصناعة، لافتاً إلى أن القروض لم تقدم للصناعات الجديدة والتراخيص مقيدة والسماح باستيراد المواد الغذائية اللازمة للصناعة مازالت مقيدة ومحصورة بأشخاص محددين.

وقال: "عندما يتم تشغيل الصناعة الوطنية ودعمها بالقروض والأمور اللوجستية التي تساعد على الإنتاج واستيراد الآلات والمواد الأولية فإن هذا الأمر يساهم بتشغيل الصناعة الوطنية وبالوقت نفسه يجب السماح لعدد كبير من التجار باستيراد المواد الغذائية وهذا الأمر سيؤدي إلى تخفيض المستوى العام للأسعار."

إجراءات الحكومة الغامضة تعسر عمل التجار:

أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق "محمد الحلاق" في تصريح للصحيفة ذاتها، عزوف الكثير من التجار عن العمل نتيجة الإجراءات الجديدة التي صدرت عن عدة جهات حكومية ولعدم وجود رؤية واضحة بالنسبة لآلية التسعير.

ولفت إلى أن القانون رقم 8 يعتبر إيجابياً جداً بعدة أمور لكن عندما تدخلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بموضوع هوامش الربحية بالشكل الذي وضعته جعلت الناس تخاف من العمل بالتجارة لأن العقوبات أصبحت رادعة وهذا الأمر أدى إلى عزوف الكثير من التجار عن العمل.

هل سيتوقف ارتفاع الأسعار قريبًا؟

أشار "حلاق" إلى أن ارتفاع الأسعار يتم بشكل يومي وسيبقى المواطن يشهد ارتفاعاً يومياً للأسعار بشكل أكبر والسبب الرئيسي انعدام المنافسة واحتكار القلة للبضائع.

وأوضح أن هناك الكثير من مصاريف الاستيراد ارتفعت من الخارج كأجور النقل وأسعار التأمين وارتفاع أسعار المواد الأولية، ولكن المصاريف التي ارتفعت من الداخل أكبر لعدم وضوح التشريعات ضمن بيئة العمل وتعارضها فيما بينها إذ إن الشخص في حال فكر في العمل اليوم لا يعرف ماذا يعمل في ظل عدم وضوح التشريعات.

وأشار إلى أن هناك دولاً كثيرة في العالم تقوم اليوم بشراء المنتجات بشكل كبير جداً وتتعاقد مع دول وتشتري كامل المنتج الموجود في هذه الدول وتقوم بتخزين المنتجات خوفاً من انقطاعها ما أدى إلى ارتفاع الأسعار عالمياً.

وبين أن مكافحة ارتفاع الأسعار يتم من خلال زيادة التنافسية وتخفيض النفقات والمصاريف وتثبيت التشريعات ضمن تشريعات مريحة متوازنة غير متعارضة فيما بينها وقابلة للتطبيق ضمن رؤية اقتصادية واضحة المعالم.