حتى راتب 5000 دولار قد يبقيك فقيرًا... السر بادخار المال لا بإنفاقه
هل تعتقد أن النجاح المالي يتعلق بكسب الكثير من المال كل شهر...؟ سيجيب الكثيرون عن هذا السؤال: "نعم، بالتأكيد لو كان راتبي أكبر لاستطعت العيش بظروف أفضل... سأشتري سيارة وبيت وسأذهب في عطلة كل أسبوع".
لكن لنفكر معًا للحظة، ما الفارق بين الذي يحصل على 10 دولار يوميًا وينام بدونها، ومن يحصل على 100 وينام بدونها؟
سيكون جوابنا نحن هذه المرة هو "لا شيء، إنهم سواء". والقاسم المشترك الأكبر بينهما هو أن كلاهما يعتبر فاشلًا ماليًا بجدارة بالنسبة لأي شخص فهم معنى المال جيدًا.
هل نفهم معنى المال جيدًا؟!
عزيزي القارئ، إن المال الذي يذهب للطعام والإيجار والفواتير والأقساط لا نسميه مالًا بعد الآن، بل نسميه "مصاريف استهلاكية"، فلو كان راتبك الشهري يبلغ 5000 دولار لكنك تصرف منها 4900 كل شهر، فيؤسفنا إخبارك أنك تحصل فعليًا على 100 دولار من المال شهريًا، وحالك حال الشخص الذي يحصل على 300 دولار ويدخر منها 100 كل شهر.
سيكون أول رد يفكر به الشخص عندما يسمع هذا الكلام هو "هذا جنون هل تقارن بين من يصرف 4900 دولار ويتمتع بها وبين من يصرف 200 دولار بالكاد تكفيه لطعامه وشرابه!"
في الواقع إن العقلية الاستهلاكية السائدة في زماننا هذا هي ما جعلتك تتكلم بهذه الطريقة، لكن الفلسفة الصحيحة والنظرة السليمة لمفهوم المال بعيدة كل البعد عن ذلك.
الفلسفة الصحيحة للتعامل مع المال:
إذا كنت مصرًا على النظر للأمر بطريقة مادية، وقياس النجاح المالي بشكل ملموس حصرًا، فدعنا نوضح لك الصورة في المثال التالي:
تخيل أن الرجل الذي يحصل على 5000 دولار وزميله الذي يحصل على 300 دولار شهريًا هما آلتان في معمل، ولنفترض أن مصاريف الطعام والشراب واللباس وما إلى ذلك هما تكلفة تشغيلهما.
في هذه الحالة سيكون صاحب المعمل ينفق على الآلة الأولى (الرجل الثري) مبلغ 5000 دولار ليحصل في النهاية على إنتاج بقيمة 100 دولار، وينفق على الآلة الثانية 300 دولار ليحصل على مبلغ 100 دولار.
صحيح أن كلتا الآلتين تعتبران في الوقت الحالي استثمارًا خاسرًا، لكن خسارة صاحب المعمل من الآلة الأولى كارثية، بينما تعتبر خسارة مقبولة ويمكن تحويلها إلى أرباح جيدة مع الزمن في الآلة الثانية.
لكي يكتمل مثالنا تبقى إضافة واحدة إلى هذه الصورة: "صاحب المعمل هو أنت، والمال الذي يكسبه هي مدخراتك واستثماراتك الخارجة عن نطاق الاستهلاك البحت".
نظرة للراتب بمفهوم صحيح:
لوكان دخلك 1200$ تدخر أو تستثمر منها 200$، ثم حصلت على زيادة 100$ هذه الزيادة ليست زيادة بمقدار 8%، بل هي زيادة على مبلغ التوفير الذي كان 200$ وأصبح 300$ وبالتالي الزيادة هذه قيمتها 50%. ومن هنا تتضح أهمية محاولة الحصول على زيادة أيما كانت، فقيمتها أكبر بكثير مما تبدو عليه.
وكذلك الأمر لو كنت تعمل بدوام كامل وراتبك مثلاً 3000$ توفر منه 300$، وجاءك عرض لعمل حر بقيمة 600$.
للوهلة الأولى، يبدو المبلغ المقدم من عرض العمل هزيلا أمام الـ 3000$ لكن كون المبلغ هذا هو مبلغ للتوفير بالكامل فقيمة التوفير ارتفعت الآن من 300$ إلى 600$. وبالتالي فهذا المبلغ يعادل 200% زيادة لدخلك الشهري الحقيقي.
في الحالة العادية ستعمل 3 أشهر تجني خلالها 9000$ توفر منها 900$. أما مع العمل الحر الجديد الذي تحصل منه على 600$ فما كنت تتمكن من تحقيقه في 3 أشهر تحققه الآن خلال شهر واحد، أي أنك – بعبارة أخرى - قمت بتسريع نموك المالي بمقدار شهرين كاملين.
نذكر هنا أنه من الخطأ ترك المخزون المالي بصورة سيولة نقدية بأي عملة كانت، بل الأفضل أن تحوله إلى أصل تخزين كالذهب، أو أصل استثماري منخفض المخاطرة.