الصين تطور مفاعل اندماج نووي أقوى 5 مرات من الشمس

أعلنت الصين أن مفاعل التوكاماك الاندماجي التجريبي (EAST)، قد سجل رقما قياسيًا في درجات حرارة عالية مستدامة تصل إلى 70 مليون درجة مئوية.

وينسب المفاعل الاندماجي EAST إلى مفاعلات توكاماك، التي تستخدم المجال المغناطيسي القوي لحصر البلازما الساخنة.

في التفاصيل، فقد تم تسخين البلازما في المنشأة بخمس أضعاف حرارة الشمس، واستمر مفاعل التوكاماك التجريبي المتقدم (EAST) في هذا الوضع، والمعروف باسم الشمس الاصطناعية، لمدة 1056 ثانية، وهذه أطول مدة تشغيل لمثل هذا الجهاز في التاريخ، بحسب ما ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.

كما ذكرت الصحيفة، أن الهدف النهائي للمشروع هو توليد طاقة نظيفة غير محدودة تقريبًا تحاكي التفاعلات الطبيعية التي تحدث داخل النجوم.

والجدير بالذكر أن هذه العملية لا تتطلب وقودا أحفوريا ولا تترك نفايات مشعة لكنها عالية التكلفة، إذ كلف المشروع السلطات الصينية أكثر من 800 مليار دولار.

ويذكر أيضًا أن هذه ليست أعلى حرارة يصلها المفاعل، لكن الإنجاز هذه المرة هو في زمن التشغيل الطويل نسبيًا، إذ أنه في وقت سابق من 2021، حطم العلماء الصينيون الرقم القياسي في هذا المجال، حينما وصلت درجة حرارة البلازما إلى 120 مليون درجة مئوية في 101 ثانية و160 مليون درجة مئوية في 20 ثانية.

وتعد تجربة "EAST" جزءًا من مشروع المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي(ITER)، الذي تشارك فيه الصين والهند والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة ودول أخرى والمقام على الأراضي الفرنسية.

الاندماج النووي... إلى أين وصل العلم؟

يسعى العلماء إلى محاكاة الشمس والنجوم في تسخير الاندماج النووي الذي يدمج ذرات الهيدروجين لتكون عناصر أكبر وأثقل مثل الهليوم.

وبينما تعتمد الشمس على الجاذبية في صهر الذرات ومزجها ببعضها البعض؛ يلجأ العلماء على الأرض إلى وسائل أخرى مثل استخدام حقل مغناطيسي بالغ الشدة كما في مفاعل "توكاماك" لإنشاء حرارة تكفي لدمج أنوية الذرات.

وتشير الأبحاث إلى أن مقدار الديوتريوم (وهو شكل مستقر من الهيدروجين يحتوي على بروتون واحد ونيوترون واحد) في لتر واحد من مياه البحر قادر على توليد طاقة تعادل 300 لتر من الغازولين من خلال طاقة الاندماج النووي.

كان التحدي الذي يواجه العلماء يكمن بالحفاظ على البلازما لفترة طويلة في وسط ساخن بما يكفي لحدوث الاندماج، ويجب أن يكون هذا الوسط أكثر سخونة من الشمس؛ لأن جاذبية الشمس القوية تذيب أنوية الذرات وتدمجها ببعضها البعض، وهو أمر لا نستطيع محاكاته أو تكراره على كوكب الأرض.

غير أن تكنولوجيا الاندماج النووي ما زالت تستعصي على العلماء في الوقت الحالي وتكتنفها صعوبات جمة، ويبدو أن حلم إنشاء شمس اصطناعية تمدنا بالطاقة النظيفة على الأرض سيظل حلما يراود العلماء لعدة عقود مقبلة.

وبالرغم من أن الاندماج النووي يبشر بآفاق واسعة في توليد الطاقة النظيفة؛ فإن تسخيرها والتحكم فيها ما زال تحديا؛ إذ لم يصل العلماء حتى الآن إلى النقطة التي يولد فيها مفاعل الاندماج طاقة أكثر مما يستهلكها؛ وهذا ما يجعلها غير مجدية اقتصاديا على الإطلاق، لكن بعض الخبراء يرون أننا نقترب من ذلك.

والطاقة الناتجة عن دمج الذرات أكبر بكثير من الطاقة الناتجة عن الانشطار النووي، وهي التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الطاقة النووية.

وبالمقارنة؛ فإن الدمج النووي لا يخلف أي غازات تسبب الاحتباس الحراري أو وقود نووي مشع ومخلفات خطيرة تهدد صحة البشر لآلاف السنين، فضلا عن التكاليف الباهظة لصيانتها.