ثروات أفريقيا تنهب بين الساسة الفاسدين والعصابات المتسلطة... ودبي وجهة المهربين
تعاني العديد من دول القارة الأفريقية، القابعة بين مطرقة الفقر وسندان متحورات كورونا والنظام الصحي المتردي، من تحالف عصابات الجريمة المنظمة والمليشيات المسلحة مع الساسة الفاسدين لترفع من بؤس المواطنين البسطاء في القارة السمراء.
على سبيل المثال، في موزمبيق وحدها قال مسؤولون بوزارة الموارد المعدنية لنشرة "أفريكا نيوز" إن هنالك نحو 14 طناً من الذهب والأحجار الكريمة والألماس تم تهريبها من البلاد منذ بداية العام الجاري.
وفي هذا الصدد، قال "فرناندو ماكوين" المسؤول الكبير بوزارة الموارد المعدنية بموزامبيق في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني لنشرة "أفريكا نيوز"، "نبحث عن وسائل لمحاربة توسع شبكات الجريمة المنظمة في التعدين حتى نتمكن من استخدام هذه الموارد لتنمية المجتمعات المحلية".
ثروات السودان في خطر:
في السياق ذاته تشير دراسة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "أنتربول" صدرت في يونيو/ حزيران الماضي إلى أن عصابات الجريمة المنظمة تتحالف مع المسؤولين الفاسدين لنهب ثروات البلاد وتهريبها للخارج، في وقت يفتقر فيه المواطن لأبسط مقومات الحياة.
وقد كشف تقرير أعده فريق من الاتحاد الأفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا عن تهريب 267 طناً من الذهب السوداني خلال 7 سنوات.
ووفق التقرير الذي تحدث عن الوضع الراهن لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة فإنه جرى تهريب هذه الكمية خلال الفترة بين 2013 و2018.
وأوضح رئيس الآلية الوطنية لمحاربة التدفقات المالية غير المشروعة بالاتحاد الأفريقي، "عمر حسن العمرابي"، أن تهريب الذهب خلال 7 سنوات بلغ 267 طناً، بواقع 80 كيلوغراماً يومياً، مشيراً إلى وجود فرق 13.5 مليار دولار، بين معلومات الحكومة السودانية والدول التي استوردت الذهب والنفط.
وكانت الآلية قد عقدت في 7 يوليو/ تموز 2021 ورشة عن التدفقات المالية غير المشروعة، أكد فيها رئيس الوزراء السوداني "عبد الله حمدوك" التزام الحكومة بمتابعة ومراجعة هذه التدفقات.
وطبقاً للتقرير فإنّ التدفقات غير المشروعة تكلف السودان 5.4 مليارات دولار سنوياً، فيما بلغت فجوة المعاملات التجارية العالمية للسودان خلال الأعوام 2012 - 2018 نحو 30.9 مليار دولار، وهو مبلغ يمثل 50% من إجمالي تجارة البلاد خلال هذه السنوات.
وفي ذات الصدد قال مسؤول إعلامي إن لديه معلومات مؤكدة أن نحو 150 كيلوغراماً من الذهب تخرج يومياً عبر مطار الخرطوم إلى دبي تحت مرأى وسمع الدولة.
ويرى محللون أن عدم الاستقرار السياسي في أفريقيا يفتح الباب أمام ظهور عصابات الجريمة المنظمة وشبكات الإرهاب والمليشيات التي تتخصص في نهب الثروات.
وتشير تقارير إلى أن هنالك نحو 9 دول في أفريقيا تعاني من أزمة التجارة غير المشروعة في الذهب واليورانيوم والمعادن الثمينة الأخرى.
وفي ذات الصدد، قالت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي يوجد مقرها في باريس إن عمليات تهريب الذهب تفاقم من النزاعات المسلحة في القارة السمراء والتي عادة ما يروح ضحيتها مواطنون أبرياء ويتحولون إلى لاجئين كما هو الحال في إقليم دارفور، غربي السودان.
أصابع الاتهام تتوجه إلى الإمارات:
تتوجه أصابع الاتهام وراء كل هذه المشاكل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، كواحدة من أكبر بؤر تجارة الذهب المنهوب من الشعوب، ولكن الإمارات تنفي ذلك بشكل متواصل.
ويبدو من المستحيل تحديد الحجم الحقيقي للذهب الذي يتم تهريبه سنوياً من الدول الأفريقية، بسبب الأساليب التي يستخدمها المهربون، إلا أن بيانات التجارة التي نشرتها الأمم المتحدة حول تجارة الذهب بدبي لعام 2020، أظهرت أنّ هنالك تفاوتاً لا يقل عن 4 مليارات دولار بين واردات الإمارات من الذهب المُعلَنة من أفريقيا، وما تقول الدول الأفريقية إنّها صدَّرَته إلى الإمارات.
وكان نائب وزير الخزانة الأميركي "والي أديمو" قد ناقش المخاوف بشأن تهريب الذهب مع المسؤولين الإماراتيين خلال زيارةٍ إلى إمارة دبي وأبوظبي في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وذلك وفقاً لما نقلته وكالة "بلومبيرغ" عن شخصين على دراية مباشرة بالموضوع طلبا عدم الكشف عن هويتهما، لأنه غير مسموح لهما التحدُّث عن ذلك علناً.
وعلى الرغم من النفي المتكرر للسلطات في الإمارات العربية المتحدة لاستقبال المعادن المنهوبة خاصة من القارة السمراء فإنّ "موسى كرامة"، وزير الصناعة والتجارة الأسبق في عهد الرئيس "عمر البشير"، قدّر صادرات الذهب عبر مطار الخرطوم فقط إلى مطار دبي عبر الخطوط الإماراتية في العام نفسه بنحو 102 طن.
بدورهم، قدَّر خبراء الأمم المتحدة في تقرير صدر في سبتمبر/ أيلول للعام التالي 2016 أن الذهب المُهرَّب من السودان إلى الإمارات في الفترة ما بين 2010-2014 يصل إلى ما قيمته 4.6 مليارات دولار. ويقول خبراء في السودان إن عمليات تهريب الذهب إلى دبي لا تزال تتم عبر مطار الخرطوم إلى مطار دبي وتحت حماية رسمية من مسؤولين سودانيين، لكنّ السلطات تنفي.